أملٌ متقطّعٌ، وفرصٌ تظهر وتَضْمَحِلُّ، ومستقبلٌ مجهولٌ، ورصيفُ بطالةٍ لا يرحم؛ يزداد مُرْتادوهُ، وسط صمت من الجهات المسؤولة.. هذا هو واقع خريجات كليات التربية "قبل إلحاقها بوزارة التعليم العالي عام 1428" ممَّن لا زلْنَ يدفعْنَ ثمن تجاهل ثلاث وزارات أبرزها "وزارة التعليم"، ممثلة بالتعليم العام؛ حيث إنها المحضن الرئيس والأم لكافة الخريجات، باعتبار أن الكليات كانت تحت إدارتها وحاجتها، لكن الأم اليوم تخلّت عن بناتها دون أدنى درجات الاهتمام أو الدعم!. حال خريجات كليات التربية ممن تأهَّلْنَ بدرجة البكالوريوس التربوي لممارسة وظيفة التعليم؛ يشابه- إلى حد كبير- حالَ اليتيمات ممن خرجْنَ لدنيا الوظيفة فلم يجدْنَ شيئاً من ذلك، ليلتفتْنَ إلى محضنهنَّ، ليتضح أنه غاب عن الأنظار وتبرأ منهنَّ في "دراما" مبكية تسببت ببطالة كبيرة ليس لها أي مبرر سوى "الروتين" وسوء الحلول وعدم الاهتمام ببنات الوطن من قبل "وزارة الخدمة المدنية" ودعم "وزارة المالية".
وكذلك المشكلة الرئيسة من تملُّص التعليم وهروبه من مواجهة ما اقترفه من ذنب تجاه تلك البريئات، بعد أن تم تعيين آلاف الخريجات وتثبيت آلاف البديلات، لكن حاجز الصدّ ظلّ راسخاً أمام خريجات كليات التربية لتبدو أربعة عشر عاماً من الدراسة مجرد سنوات الضياع ..!!
وفي "الثالث من شهر رجب عام 1435ه": وقّع وكيل الوزارة المشرف العام على الشؤون الإدارية والمالية بوزارة التعليم "المهندس محمد الشثري"؛ قرار تعيين "19884" من خريجات الكليات المتوسطة، و"3075" من خريجات معاهد المعلمات بعد مطالباتهنّ المتكررة بدعوى أن الوزارة مسؤولة عن توظيفهن، وفعلاً تم ذلك وتَنَاست الوزارة خريجات كليات التربية، وأصبحت تتعامل بمكيالين متناسية أن مناهجها التربوية تُدرّس العدل والمساواة ..!!
حلمي ضاع: تقول "عزيزة الغامدي"- خريجة كليات التربية دفعة عام 23-: "عندما دخلتُ كلية التربية للبنات بجدة كانت هناك "جامعة الملك عبدالعزيز" كخيارٍ ثانٍ أمامي، وكان هناك "معهد الإدارة" كخيار ثالث؛ كوني خريجة ثانوية عامة بمعدل مرتفع".
وتضيف: "قررت دخول كلية التربية لهدف؛ وهو أن أصبح معلمة في يومٍ ما، فمرت السنون وتخرجت ودخلت دوامة أنظمة الخدمة المدنية، والنتيجة أنني إلى الآن– 12 سنة- لم أصبح معلمة، رغم استيفائي كلَّ شروط التعليم بعد أن تنكَّروا لمؤهلي وأرخصوه".
"الخدمة المدنية" ظلمتْنا: بحزنٍ تحكي "سميرة الزهراني"- خريجة كليات التربية دفعة عام 22- قائلة: "كل الذي رأيته خلال الأعوام السابقة هو إقصاءٌ مستمرٌّ عن قطاعنا الوحيد الذي تأهلنا لأجله؛ وهو قطاع التعليم العام، سنة تلو الأخرى ونحن نخضع لنظام وآخر لم يسهم سوى في تكدسنا وإقصائنا، انتهاءً بمساواتنا بمؤهلات ليست متخصصة بالتعليم العام، وهي المؤهلات الجامعية، وإضافة بنود مفاضلة لا تمت للواقع بصلة".
وتزيد: "فنحن مؤهل أُعد خصيصاً للتعليم وتجبرنا الخدمة المدنية على "الخبرة والتعليم الزائد والدورات" لرفع نقاطنا في الخدمة المدنية، ثم فيما بعد تغيرت بنود المفاضلة إلى النسبة المئوية والأقدمية التي ظلمنا بتقييدها عند 10 سنوات، فتعتبر طي قيد كل من تجاوزت أقدميتها عشرة أعوام، وإضافة كفايات المعلمات "قياس" الذي احتسبت درجته فيما بعد بواقع "40%" من بنود المفاضلة".
وتضيف: "هذه ليست إلا عقبات لشق الأمر على الخريجات لتجاوز كل العقبات المستحدثة كل فترة، وأيضاً تجاهل خريجات المدن الرئيسة؛ حيث يسد احتياج التعليم من المعلمات بالنقل الخارجي، الذي اكتشفنا فيما بعد أنه تم توظيف معلمات بديلات عليه اللاتي تم تثبيتهن فيما بعد هذا الاحتياج كان أولى بهم مفاضلتنا عليه".
الظلم بعينه ..!! "منيرة حسين" خريجة كليات التربية لها رأي آخر، فتقول: "كنا نخضع لشرط إثبات الإقامة الذي ساهم في حرماننا من المفاضلات في مناطق المملكة، في الوقت الذي كانت دفعات كليات إعداد المعلمين يتم تعيينها حسب الدفعة في ميدان التعليم، ونحن نتبع جهة وزارية واحدة، فكنت أتعجب من تبنِّي وزارة التربية تعيينهم حسب الدفعة، ونحن "تفرمنا" بنود الخدمة المدنية رغم أننا معلمات مؤهلات".
سنين العمر سرقت: وتروي الخريجة "نورة" قائلة: "في عام 1424ه: تم إغلاق كليات المتوسطة ومعاهد المعلمات التابعة لوزارة التربية والتعليم، وتم تعيين دفعات منها على مرحلة الصفوف المبكرة آنذاك؛ كاستيعاب لهن كدبلومات تربوية أعدتها وزارة التربية والتعليم".
وتردف: "لكن في عام 1428ه، عندما تقرر إغلاق كليات وزارة التربية ودمج مسمى كليات التربية للتعليم العالي لتخفيف العبء عن وزارة التربية، لم يتم النظر إلى مخرجاتها من المؤهلات من البكالوريوس التربوي، وهو أعلى مؤهل أعدته وزارة التربية؛ بل لم يتم تعيين الدفعات التي تحمل وثائقهن ختم ومسمى وزارة التربية والتعليم، كما حصل مع الكليات المتوسطة والمعاهد؛ بل تم تجاهلهنَّ ومؤهلاتهن تجاهلاً تاماً سرق منهن أجمل السنين في انتظار نظامٍ عادلٍ ينصف مؤهلاتهن التي لا مجال أمامها سوى التعليم العام".
تعجيز واضح: وانتقدت الخريجة "زينب الأنصاري"- من خريجات كلية التربية- مطالب الخدمة المدنية قائلة: "كانت الخدمة تطالبنا بخبرات ودورات للمفاضلة، رغم أن إعدادنا التعليمي والتربوي على أيدي وزارة التربية، ولكنها عاملتنا كخريجات جامعيات، إلى جانب إثبات الإقامة الذي تم إلغاؤه بأمر ملكي".
وتضيف: "لم يتسنَّ لنا تنفس الصُّعَداء بهذا الأمر الملكي، إلا وتم فرض اختبار كفايات المعلمات، ولم يكن بالأمر الصعب؛ فنحن مؤهلات للتعليم ومرحبات بكل ما من شأنه تطوير وتنمية التعليم بالمملكة، وهذا ما تعلمناه بكلياتنا، واستطعنا إثبات أننا لا زلنا مؤهلات باجتيازنا لاختبار كفايات المعلمات لنتفاجأ بالصفعة المدوية؛ وهي مساواة مؤهلاتنا "4 سنوات تربوي متخصص" في المفاضلات التعليمية بمؤهل دبلوم تربوي لمدة سنة، تم الطعن فيه من جهة نائب وزير التعليم للبنين مسبقاً".
نداء "تويتري": وسم (هاشتاق) #كليات_التربية_للبنات لم يكفّ لحظة واحدة عن مناشدة ملك العدل والمحبة وصاحب الأيادي البيضاء المشهودة، خادم الحرمين الشريفين "الملك سلمان بن عبد العزيز"، ووجهوا كذلك عبر "سبق" نداءهم بتوظيف من استوفت الشروط كمعلمات وكإداريات لمن تعثرت بكفايات كأقل تقدير لمؤهلاتهن– البكالوريوس التربوي- ومساواتهن بزميلاتهن الأقل مؤهلاً؛ من كليات المتوسطة ومعاهد المعلمات، واللاتي تم حصرهن لمرجعيتهن لوزارة التربية والتعليم، وتم توظيفهنّ، وجميع البنات الخريجات متفائلات بنظرة حانية من سلمان الحب والد الشعب.
"العصيمي" لا يرد: "سبق" استفسرت صباح اليوم من متحدث وزارة التعليم "مبارك العصيمي" عمّا جرى لخريجات الكلية، لكنه لم يرد حتى اللحظة.