في قمة الدوحة صدح البيت الخليجي بالكثير مما يثلج الصدر، وتبنى ورحب ودعم الكثير من أمنيات مواطنيه، تلك التي تقف في طريقها العديد من العقبات، وأبرزها شبح الإرهاب ومخاوفه، وسط محيط إقليمي تتسارع أحداثه بشكل مخيف. وجد َّ د المجلس الأعلى التأكيد على المواقف الثابتة لدول المجلس بنبذ الإرهاب والتطرف بكافة أشكاله وصوره، مؤكداً التزام دول المجلس بمحاربة الفكر الذي تقوم عليه الجماعات الإرهابية وتتغذ َّ ى منه، باعتبار أن الإسلام بريء منه.
المجلس في بيانه أظهر بوضوح أن الإرهاب هو شبح العالم كله، مؤك ِّ دا ً مقولة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز- حفظه الله- : إن "تحدي مكافحة الإرهاب لا يمكن مواجهته إلا من خلال وضع المجتمع الدولي إستراتيجيات شاملة ومتكاملة ومدعومة ؛ فمكافحة الإرهاب تعد مسؤولية دولية مشتركة تتطلب أعلى درجات التنسيق والتعاون بين أعضاء المجتمع الدولي".
جهود دولية وإقليمية : المجلس الأعلى للبيت الخليجي استعرض الجهود الدولية المبذولة على كافة الأصعدة لمواجهة الإرهاب والتطرف اللذين يعصفان بالمنطقة، لافتا ً إلى عدد من المحطات المهمة في ذلك ، ونستعرضها في زوايا هذا التقرير، ومن أبرزها:
المؤتمر الدولي لمكافحة تمويل الإرهاب (المنامة): كان هذا المؤتمر من المحطات اللافتة، فقد دعا "إعلان المنامة" الصادر في ختام اجتماع استضافته البحرين في نوفمبر 2014م ؛ لبحث سبل مكافحة تمويل الإرهاب، إلى "تعزيز المنظومة الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب، والتشهير بمموليه"، وجاء من ضمن أبرز توصياته: - تحر ِّ ي وملاحقة تمويل الإرهاب على مستوى الجماعات أو الأفراد. - التطبيق الكامل للعقوبات المالية المقررة على مستوى الأفراد أو الجهات ؛ طبقاً لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات العلاقة. - طالب ب"التعريف بصورة علنية بممولي الإرهاب والمساعدين عليه". - إشراك القطاع الخاص بصورة إيجابية في جهود مكافحة تمويل الإرهاب. - ضمان أن خدمات تحويل الأموال أو الأصول مرخصة وتحت الرقابة، وعرضة للعقوبة في حالة المخالفة. - حماية المنظمات غير الهادفة للربح وأنشطة جمع التبرعات الخيرية من إساءة استغلالها من قبل الجماعات الإرهابية. - أوصى الإعلان بالمشاركة الكاملة في الإطار الدولي لمكافحة تمويل الإرهاب. - ضرورة "ضمان المشاركة الجادة والفاعلة من كل دولة في الجهود الدولية ذات العلاقة ؛ من خلال المساعدة القانونية المتبادلة تجاه الدول الأخرى التي تسعى إلى التحر ِّ ي عن أنشطة مرتبطة بتمويل الإرهاب". - إظهار الدعم والالتزام على أعلى المستويات الرسمية بالتطبيق الفاعل لنظم مكافحة تمويل الإرهاب محليا ً ودوليا . - رحب الإعلان بعمل مركز مكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة الذي تم تأسيسه بمبادرة من العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
*الاجتماع الإقليمي بشأن مكافحة الإرهاب (جدة -سبتمبر 2014م): أكدت الدول المشاركة فيه لمكافحة ما يعرف ب"داعش" على تقاسم المسؤوليات للقضاء على التنظيمات الإرهابية. هذا الاجتماع الدولي عُقد في جدة في 11 سبتمبر لبحث سبل مكافحة التنظيمات الإرهابية، وناقش إستراتيجية الرئيس الأمريكي المعلنة لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية".
وشاركت في الاجتماع 12 دولة ؛ من بينها : دول مجلس التعاون الخليجي ، ومصر ، والأردن ، ولبنان ، والعراق ، وتركيا ، بحضور الولاياتالمتحدة، وهو المؤتمر الذي رأى فيه المراقبون أن مشاركة العراق في الاجتماع تشير إلى تطور لافت يهدف لفتح قنوات تواصل بين الرياض وبغداد لمواجهة "الدولة الإسلامية" في بلاد الرافدين.
* قرار مجلس الأمن 2170: يعتبر القرار الأممي (2170) قرارا ً تاريخيا ً؛ حيث حظي بإجماع أعضاء مجلس الأمن الدولي؛ وذلك لكونه يعتبر القرار الأول الذي يدين في إجراء صارم ضد تنظيمي "داعش" و"النصرة" بقصد تجفيف منابعهما الإمدادية بالسلاح والمال والإرهابيين.
هذا القرار جاء ليضع مجلس الأمن الدولي وجها ً لوجه أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية التي لا مناص منها، فكان لا بد من قرارٍ عاجل يتخذه تحت أحكام الفصل السابع الذي يجوزُ بموجبه استخدام القوة العسكرية، ويكون من شأنه تحجيم أنشطة الجماعات الإرهابية وقطع مصادر إمدادها ، ومعاقبة قياداتها وكل الجهات والكيانات المتورطة في دعمها بالمال والسلاح والرجال.
* مجلس الأمن- لجنة مكافحة الإرهاب: رحب المجلس الأعلى للبيت الخليجي أيضا ً بالجهود الأممية لمكافحة الإرهاب، وهنا يمكن الإشارة لجهود لجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأم ن، ومن أبرز قراراتها : (1373 (2001) و1624 (2005)، إلى تعزيز قدرة الدول الأعضاء في الأممالمتحدة على منع وقوع أعمال إرهابية داخل حدودها وفي المناطق التي تقع فيها على حد سواء.
وقد أنشئت اللجنة عقب الهجمات الإرهابية التي حدثت في الولاياتالمتحدة في 11 سبتمبر 2001.
وتشدد اللجنة على "القيام بدون تأخير بتجميد أي أموال لأشخاص يشاركون في أعمال الإرهاب ، ومنع الجماعات الإرهابية من الحصول على أي شكل من أشكال الدعم المالي، وعدم توفير الملاذ الآمن، أو الدعم أو المساندة للإرهابيين، و تبادل المعلومات مع الحكومات الأخرى عن أية جماعة تمارس أعمالا ً إرهابية أو تخطط لها، بالتعاون مع الحكومات الأخرى في التحقيق في تلك الأعمال الإرهابية، و اكتشافها، و اعتقال المشتركين فيها وتسليمهم وتقديمهم للعدالة، وتجريم مساعدة الإرهابيين مساعدة فعلية أو سلبية في القوانين المحلية وتقديم مخالفيها للعدالة.
* السعودية: عمق إدراك التحديات: تعد السعودية من أكثر الدول وسط شقيقاتها الخليجيات تعرضا ً لمخاطر وهجمات الإرهاب ، كما تشكل رأس حربة في جهود مكافحته وتجفيفه، وصولا ً إلى أبرز المبادرات الدولية ، وقال الأمير سعود الف ي صل وزير الخارجية أثناء إلقاء كلمة خادم الحرمين الشريفين في اجتماع جدة الإقليمي: "الجدية والمصداقية هما منهجنا في هذا المركز ؛ حتى يتبوأ مكانته في مكافحة الإرهاب... الإرهاب يتطلب لمكافحته تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول، وهو أمر يجسده إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأممالمتحدة ؛ إيمانا ً من المملكة بأهمية التعاون والإسهام في دعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب ، قامت بتقديم دعم مالي لإنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب على مدى السنوات الثلاث الأولى بمقدار 10 ملايين دولار".