استعرض المشاركون في جلسة العمل "آفاق معاصرة ومستقبلية للتراث العمراني" التي أدارها مدير عام المتاحف بالهيئة العامة للسياحة والآثار الدكتور عوض الزهراني، صباح أمس الخميس، ضمن ملتقى التراث العمراني الرابع بمنطقة عسير، نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني الجديد ودور البلديات في تبني مشاريع التراث العمراني. وألقى المشاركون الضوء على مفهوم الحفاظ على التراث العمراني ونظام الحماية للمواقع التراثية، إضافة إلى أقسام العمارة والتراث بالمملكة، وتخلل ذلك استعراض التحولات الحضارية لصنعاء القديمة.
نظام الآثار والمتاحف وقد بدأت الجلية بورقة عمل قدمها مدير عام الإدارة القانونية بالهيئة العامة للسياحة والآثار الدكتور فيصل بن منصور الفاضل، أكد خلالها أن المملكة تشهد مرحلة انتقالية كبيرة ومهمة في التعامل مع قطاع التراث العمراني، بعد صدور نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني بموجب المرسوم الملكي رقم (م/ 3) وتاريخ 9-1-1436ه الذي تضمن فصلا خاصا ومنظومة متكاملة من الأحكام والقواعد لتنظيم التراث العمراني الوطني وحمايته وتوثيقه وصيانته وتهيئته وتحفيز الاستثمار فيه وتفعيل مساهمته في التنمية الثقافية والاقتصادية.
وقال "الفاضل": "بعد إقرار مجلس الوزراء لمشروع الملك عبد الله للعناية بالتراث الحضاري الذي تضمن منظومة من المبادرات والبرامج الخاصة بالتراث العمراني الوطني التي تكفل انتقاله إلى مرحلة الازدهار، بعد أن عانى كثيرا من وقوعه في ما جرى وصفها بمرحلة الاندثار".
وأشار إلى دور هذا الملتقى الذي يعقد بشكل سنوي ويجري تدويره بين مختلف مناطق المملكة لما يمثله من آلية تجعل الاهتمام بالتراث العمراني مستمرا، وتمكّن من مراجعة التراث العمراني كل عام، وتجعل المواطنين على صلة دائمة بتاريخهم وقصص المكان الذي خرج منه آباؤهم وأجدادهم الذين ساهموا في وضع اللبنات الأولى لهذا الوطن كما ذكر بحق رائد التراث العمراني ومهندسه الأول الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز الذي وضع في الاعتبار منذ البداية أن يكون هذا الحدث فرصة للتطوير والمراجعة وأن يكون كمنصة للتواصل مع كل فئات المجتمع من أجل إيصال ثقافة التراث وتأكيدها بين أفراد المجتمع.
وهدفت ورقة العمل إلى إلقاء الضوء على ما تضمنه هذا النظام من أحكام جديدة منظمة للتراث العمراني، وتضمنت عدداً من المحاور من أهمها الخلفية التاريخية لهذا النظام والأحكام والقواعد التي تضمنها للتعامل مع التراث العمراني، بدءاً من تعريفه، ومرورا بالأحكام المنظمة للتسجيل والتوثيق وتوفير الحماية والمحافظة على مناطق ومباني التراث العمراني، وكذلك القواعد المنظمة لتهيئتها واستثمارها وتفعيل مساهمتها في التنمية الاقتصادية والثقافية.
وقال "الفاضل": "المصلحة اقتضت إعداد مشروع نظام جديد يعكس وقائع التطور القانوني المضطرد للاهتمام بالآثار والمتاحف والتراث العمراني والاستفادة المثلى منها، ويؤمن على حقائق الوضع الراهن ويجمع شتات تلك التعليمات وهذه الأوامر المتعددة المتعاقبة، ويستشرف آفاقا رحبة لمستقبل نظامي عملي زاهر لها، ومفرداً خصوصية التراث العمراني لتتوافق مع المنهج الدولي والإقليمي، وما ورد في القرارات والتعاميم المتفرقة وتنظيم الهيئة العامة للسياحة وعموم نتاج الفكر الأكاديمي والفني والقانوني المحلي في هذا الصدد".
وأكد أن النظام الجديد للآثار أتى في "أربعة وتسعين مادة" واشتمل على عشرة فصول.
الفصل السادس من نظام الحماية من جهتها تناولت الدكتورة ضمنا الزهراني الفصل السادس من نظام الحماية خلال مشاركتها في الجلسة العلمية، وقالت: "اتفاقية حماية التراث هي وثيقة دولية معتمدة عالمياً اعتمدتها المملكة في عام 1992م "مقدمة التعريف لمفهوم التراث العمراني الذي يقصد به كل ملك نادر وجب الحفاظ عليه".
وأضافت: "الفصل السادس خصص للتراث العمراني والذي لم يسبق تنظيمه من قبل، واشتمل على أحكام تنظيمية للتراث العمراني وأسند للهيئة، حيث وضع سجل خاص للتراث العمراني تسجل فيه مواقعه ومبانيه ومناطقه وما يشتمل عليه من تصنيف وتحديد منطقة حماية التراث العمراني والأثري الثابت (الحمى)، كما تضمن قيام الهيئة بإعداد وتطوير مخطط حماية التراث العمراني وتنميته بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة وضوابط ذلك، وما يترتب على تصنيف مبنى أو موقع تراث عمراني من التزام الدولة بحمايته والمحافظة عليه وتطويره والمشاركة في جهود حمايته، وضرورة صيانته وترميمه وتشغليه، ومنع أي تغيير في منطقة حمايته وكلٍ بموافقة وإشراف الهيئة، ولها نزع ملكيته لمصلحة الدولة إذا كانت ظروف حمايته غير متوافرة".
وأردفت: "كما ورد في هذا الفصل عدم جواز إجراء أي عمل من أعمال البناء أو الترميم إلا بعد الحصول على رخصة وزارة الشؤون البلدية والقروية على أن تتفق الهيئة معها على شروط وإجراءات منحها، وعدم جواز إجراء أي عمل من أعمال الصيانة أو التجزئة أو التقسيم أو العمل في مجال ترميم المباني التراثية وصيانتها إلا بعد الحصول على موافقة وتصنيف من الهيئة، وعدم جواز نقل ملكية مباني أو مواقع التراث العمراني المصنفة التي تملكها الدولة إلا بعد موافقة الهيئة، ومع ذلك يجوز بيعها أو تأجيرها إذا كانت مملوكة للقطاع الخاص بعد موافقة الهيئة".
وأردفت: "لا بد من إيجاد نقاط تحقق الحماية اللزمة للتراث العمراني منها رفع درجة الوعي بقيمة وأهمية الأثر وتطبيق الأنظمة وتدريب الكوادر على التعامل مع الآثار، إضافة إلى تضافر الجهود المؤسسية الحكومية منها والخاصة للحفاظ على التراث".
دور البلديات في تبني مشاريع التراث وركزت ورقة الدكتور وليد الحميدي نائب رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار التي قدمها نيابة عنه مدير عام فرع هيئة السياحة بالمنطقة الشرقية المهندس عبداللطيف البنيان؛ على دور البلديات في تبني مشاريع التراث.
وقال مقدم الورقة إن هناك أكثر من 162 مشروعا تراثيا تحت التنفيذ منها 86 مشروع تقوم علية أمانات وبلديات المناطق بتكلفة تقارب 860 مليون ريال من أبرزها تطوير وسط تبوك وقصر القشلة بحائل، وكذلك مشروع إعادة تأهيل قرية رجال المع، وأيضا مشروع حي الظهيرة بالرياض الذي انتهى من مرحلة التصاميم، كما تم وضع خطط التنمية المقترحة لجدة التاريخية، ضمنها شارع الذهب والسوق المقابل والحديقة.
ويهدف ملخص الورقة إلى التأكيد على أن الهيئة تعيش نقلة نوعية في مشاريع التراث العمراني في ظل الدعم الكبير الذي تجده من القيادة الرشيدة.
تطور مفهوم الحفاظ على التراث العمراني في السعودية أما ورقة العمل التي قدمها الدكتور محمد باقادر فقد تطرقت إلى تطور مفهوم الحفاظ على التراث العمراني في السعودية، حيث تناول خلالها فهم كيفية الحفاظ ومدى معرفة أصحاب المصلحة.
وأكد باقادر أن المملكة غنية بمواقع تراثية عمرانية على مساحات كبيرة مختلفة ومتباينة في عدد كبير من المناطق، وأشار إلى أن الحفاظ على تلك المواقع كان بجهود فردية قبل إنشاء هيئة السياحة التي قامت بدور كبير في تطوير مفهوم الحفاظ على التراث، وآلية إعادة التأهيل.
وقال: "التراث بشكل عام تراث حسي مادي يتمثل في المواقع الأثرية وامكنة الآثار والغير الحسي الذي يكمن في الفلكلور الشعبي والتراث العمراني قد يكون متوارثاً وغير متوارث".
وتناول الدكتور باقادر أهم الأسباب للمحافظة على التراث جاء منها صون التراث وحمايته، والحفاظ على الهوية العمرانية واضع إعادة إعمار السولدر في لبنان مثال لذلك، وكذلك من الأسباب التنمية الاقتصادية للتراث العمراني.
وأضاف: "التراث العمراني بالمملكة مرّ بثلاث مراحل قبل السبعينيات، ومرحلة ميثاق البندقية ومرحلة ما بعد تأسيس الهيئة العامة للسياحة والآثار.