أكد وزير الخارجية صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل أن دعوة خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لرعاية المملكة للمصالحة الوطنية العراقية تأتي من منطلق استشعار المملكة لمسؤولياتها العربية والإسلامية تجاه العراق الشقيق، مشيراً إلى أنها لا تخضع لأي شروط مسبقة من أي دولة كانت بما فيها المملكة، بل تأتي دعماً للإرادة المستقلة للقيادات العراقية والشعب العراقي في تحقيق الطريق الأنسب لتقرير مستقبل العراق السياسي، وهو ما دأبت عليه المملكة في كل مبادراتها السابقة. وأوضح الفيصل أن خادم الحرمين يتمنى أن تثمر المشاورات التي تشمل القيادات العراقية كافة، وبمبادرة من رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني، عن نتائج إيجابية تُخرج العراق الشقيق من أزمته السياسية في تشكيل الحكومة وفي تحقيق الاستقرار في العراق الشقيق، والمملكة بذلك ستؤيد أي حل يتوصل إليه الأشقاء العراقيون بأطيافهم كافة؛ فما يهم المملكة هو الوصول إلى الحل الذي يُرضي جميع الأطراف ويحقق الأهداف الوطنية لعراقنا الأبيّ. وأشار إلى أن المملكة، ومن خلال ذلك كله، تؤكد مرة أخرى تأييدها التام لمبادرة رئيس إقليم كردستان، وتتمنى لها النجاح، وتدعو في الوقت ذاته كل من يهمه أمن واستقرار العراق ووحدته ورخاءه وازدهاره إلى دعم ومساندة الإخوة العراقيين في مسعاهم لإيجاد حل للأزمة السياسية حتى يصلوا إلى مبتغاهم في دفع جهود العراقيين وحشد طاقاتهم لتحقيق المصالحة والوفاق الوطني المنشود. وقال وزير الخارجية في البيان الافتتاحي للمؤتمر الصحفي الذي عقده اليوم في مقر وزارة الخارجية بالرياض: "تؤكد المملكة أنها تنظر إلى جميع العراقيين بعين المساواة، وتتعامل معهم من هذا المنطلق، وعلى أساس أنهم عراقيون أولاً وأخيراً، وأشقاء أعزاء للشعب السعودي، تُكنّ لهم المملكة - حكومة وشعباً - كل خير ومحبة، وتتطلع إلى مساعدتهم بما يعزز أمنهم واستقرارهم ويحقق ازدهارهم". وأضاف سموه قائلاً: "إن دعوة خادم الحرمين تستند إلى قرارات مجلس الجامعة العربية على مستوى القمة، والعراق عضو فيها، وتأتي تأكيداً أن المملكة تحترم وحدة وسيادة واستقلال العراق والحفاظ على هويته العربية والإسلامية، مع تأكيد عدم التدخل في شؤونه الداخلية من أي طرف كان، وكذلك احترام إرادة الشعب العراقي بمكوناته كافة في تقرير مستقبله السياسي لما فيه استقرار وأمن العراق". ووصف وزير الخارجية سؤالاً عما سيؤول إليه الوضع في حال لم تتوصل الأطراف العراقية إلى تشكيل حكومة قبل "المهلة" التي حددها خادم الحرمين الشريفين في دعوته، أو في حال رفض أي طرف عراقي القدوم إلى المملكة، بأنه "سؤال افتراضي وسابق لأوانه، مشيراً إلى أن نداء خادم الحرمين لم يحدد موعداً محدداً، والمفروض إن كان هناك اجتماع أن يكون بعد الحج، ولكن ليس هناك موعد محدد والمرتكز الأساسي هو إرادة العراقيين، فرفض العراقيين لأي مبادرة تعنى بالعراق سيكون حاسماً في هذا الإطار، الإخوة في العراق يسألون أين المبادرات العربية؟ وأين الجهد العربي في هذا الإطار؟ هذا الجهد العربي، المبادرة تحت غطاء الجامعة العربية، ولا تسعى للتدخل في الشؤون الداخلية، هي مجرد توفير الأرضية والمكان المناسب والهادئ الذي يهيئ الوصول إلى حلول يرضاها الجميع". وبين سموه في رده على سؤال حول تأييد المملكة للمبادرة الكردية وكون المبادرة السعودية تتعارض معها لا سيما أن هناك أطرافًا عراقية لم ترحب بالمبادرة السعودية، وعن ماذا لو اتفق العراقيون على اسم "المالكي" بقوله "الخيار للعراقيين فيما يرون أي شخصية كما ذكرت في المقدمة ليس لنا اعتراض على أي شخصية عراقية يختارها العراقيون، نحن نسير وفق رغبة العراق بالأسلوب الذي يراه العراقيون وبالإرادة التي يظهرها العراقيون، وليس لدينا أي تحفظ، وأنا لا أجد تناقضاً بتاتاً بين المبادرة هذه والمبادرة العراقية، فهي تتجه نحو نفس التوجه، والمبادرة العراقية تسعى إلى إيجاد حل لحكومة يقبلها الجميع، وهذا ما تتمناه وترجوه المملكة العربية السعودية". وبين الأمير سعود الفيصل أن العراقيين هم الذين سيصلون في النهاية إلى استخلاص ما يريدون أن يستخلصوه من هذه الاجتماعات، كل ما نتمناه لهم هو التوفيق في الوصول إلى القناعات التي تجمع ولا تفرق بينهم والتي تخرج بنتائج إيجابية إن شاء الله. وتعليقاً على سؤال حول عدم فتح سفارة سعودية في بغداد، أوضح الفيصل أن" السبب هو أمني وسبق أن ذكرت ذلك عدة مرات في مقابلات مع الصحافة ليس هناك أي عنصر آخر يعوق فتح السفارة، أرجو ألا يوضع أي اعتبار آخر غير هذا الاعتبار على فتح السفارة ". وبيَّن وزير الخارجية أن الكتل العراقية تؤيد بشكل عام المبادرة وتقدرها، والمملكة تواصل العمل في هذه المبادرة لتحقق أهدافها في مساعدة العراقيين للحفاظ على استقرار العراق وأمنه. وفي رده على سؤال عن دعوة المبادرة لأي جهة لحضور المحادثات كمراقبين، قال سموه: "المبادرة لا تتضمن دعوة أحد من الخارج، المجموعة العراقية هي التي ستتفاوض لحضور اجتماعاتهم". وأضاف أنه لا يرى مجالاً للتشابه بين اجتماع الطائف ودعوة العراقيين للمصالحة في الرياض، وقال: " إلا أن الاجتماعين يخصان استقرار دولة ووحدة دولة، ولكن الظروف تختلف كلية، ففي الوضع اللبناني لم تكن هناك شرعية لبنانية واعتمد على جمع البرلمان اللبناني بصفته هو المؤسسة الشرعية الوحيدة التي كانت موجودة، وجاء اللبنانيون وبحثوا فيما بينهم، المملكة لم يكن لها دور في هذا البحث، وإذا كان لها دور كان بطلب اللبنانيين لبعض الأمور التي يرون أن تقوم المملكة باتصالات حولها وخاصة في جانب الاتصالات الدولية، وهذا ما كانت تقوم به المملكة في ذلك الحين، وإذا كان هناك طلب من الإخوة الأشقاء العراقيين للمملكة بأن تقوم بأي دور فهي ستكون بطبيعة الحال جاهزة للمساندة وستؤيد بكل ما لديها من إمكانات ما يصلون إليه من اتفاقات ". وأجاب سعود الفيصل عن سؤال حول ما إذا كانت المبادرة حول العراق تمت بالتنسيق مع الرئيس السوري بشار الأسد، بقوله "هذه المبادرة من خادم الحرمين، وإن كان أطلع عليها أشقاءه القادة من قبل فهذا شيء طبيعي " . وبيَّن سموه أن مبادرة المصالحة العراقية تأتي تحت مظلة الجامعة العربية ونجمت عن مشاورات القمة العربية وقال :" القمة جزء من الجامعة والجامعة تشمل القمة، فكونها تكون تحت مظلة الجامعة العربية أعتقد أن هذا شيء منطقي ومطلوب، وأعتقد يستحسنه الإخوة العراقيون، وسبق أن كان هناك مجهود تحت مظلة الجامعة العربية في بداية الأمر، فالجامعة العربية بما أننا كلنا دول عربية هي المظلة التي نستظل بها جميعاً في العمل العربي المشترك ووضعها تحت مظلة الجامعة فيه دعم لاستقلالية القرار العراقي وحفظ حقوقه كاملة مكملة كدولة عربية ". واختتم الأمير سعود الفيصل المؤتمر الصحفي قائلاً :" ليست هناك نية لتدخل دولي في هذا الاجتماع، هذا الاجتماع مخصص للعراقيين هم أصحاب الشأن، التركيز سيكون بشكل دقيق ومرهف الحساسية باستقلالية العمل والجهد العراقي ولن تكون هناك نية لأي تدخل في الشؤون الداخلية العراقية ".