قال محللون ماليون: إن أداء السوق المالية السعودية خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي (2014) كان إيجابياً برغم التطورات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي، والانخفاض الحادّ في أسعار البترول، والمخاوف من حدوث تباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي؛ حيث حققت القطاعات الرئيسة للسوق نمواً بلغ 12% خلال الثلاثة أرباع الأولى من العام الحالي، مقارنة بنظيرتها في العام الماضي، ومسجلة أرباحاً صافية بلغت 87.52 مليار ريال. واعتبر المحللون أن من المؤشرات الإيجابية التي تنتظرها سوق الأسهم السعودية خلال الفترة القادمة، وتُسهم في تعميق وتوسيع قاعدة السوق ورفع مستويات الأداء فيها ورفع مستويات جاذبية الاستثمار فيها، دخول البنك الأهلي التجاري -أكبر مدير للأصول في المملكة في السوق- بعد طرح نحو 13 مليار ريال من قيمة أسهمه للاكتتاب العام، وكذلك فتح الاستثمار في السوق للأجانب.
جاءت هذه التحليلات المالية خلال المحاضرة التي نظّمتها لجنة الاستثمار والأوراق المالية ب"غرفة الرياض" مساء أمس الثلاثاء، شارك فيها مدير الأبحاث والمشورة بشركة "البلاد" المالية، وعضو اللجنة تركي بن حسين فدعق، والرئيس التنفيذي للبنك الفرنسي كابيتال ياسر بن عثمان الرميان، والمحلل المالي وعضو اللجنة خالد جوهر الجوهر، وأدارها المحلل وعضو اللجنة محمد العنقري.
وقال تركي فدعق: إن المؤشرات التحليلية التي رصدتها شركة البلاد المالية عن أداء السوق خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي، تُظهر ارتفاعاً متصاعداً في مؤشر قطاعات السوق الرئيسة، ومن أبرزها قطاعات البنوك، والبتروكيماويات، والإسمنت؛ لكن ثلاثتها بدأت منحنى النزول اعتباراً من بداية الربع الرابع (أكتوبر) من العام الحالي، غير أنه رفض توقع ما سيحدث خلال باقي فترة الربع الأخير، وقال: إن هذا مرهون بتطورات وأوضاع الاقتصاد العالمي، وخصوصاً بالنسبة لقطاع البتروكيماويات الذي يُعَدّ القطاع الوحيد الذي يتأثر مباشرة بالأسواق العالمية.
وأوضح أن سوق البتروكيماويات السعودي تأثر بشكل واضح ومباشر بركود الأسواق في اليابان؛ لافتاً إلى أنها مرهونة بعاملين أساسيين هما: حجم الطلب العالمي (الخارجي)، والأسعار، وقال: إن السوق الرئيسة للبتروكيماويات السعودية تقع في شرق آسيا (اليابان والصين بشكل أساسي) وليس أوروبا؛ حيث تعاني آسيا من ركود اقتصادي يؤثر سلباً على حجم الطلب على البتروكيماويات.
واعتبر "فدعق" أن توجّه الحكومة اليابانية مؤخراً لحل البرلمان هو خطوة تستهدف اتخاذ سياسات اقتصادية جديدة تساعد في إخراج الاقتصاد الياباني من حالة الركود، وقال: إنه في حال نجاح هذا المسعى، وحدوث تعافٍ في الاقتصاد العالمي فسينعكس إيجابياً على سوق البتروكيماويات، ويكون هناك نمو في الطلب عليها.
وحول خطوة طرح حصة من أسهم البنك الأهلي للاكتتاب العام، قال: إنه رصد الإقبال الكثيف من المواطنين على الاكتتاب في أسهم البنك الذي وصفه ب"أكبر اكتتاب تاريخي في السوق السعودية"؛ حيث بلغ حجم الأموال التي ضخها المكتتبون 311 مليار ريال؛ أي ما يعادل 20% من حجم ما بالمصارف السعودية؛ بينما المطروح فقط لا يتجاوز 13 ملياراً، وقال: إن هذا يعني توفر أموال ضخمة في السوق تبحث عن استثمار.
وتحدث ياسر الرميان عن آثار دخول الأجانب سوق الأسهم السعودية، وقال: إن هذا الإجراء اتُّخذ من أجل تحقيق أداء أفضل للسوق، وليس طلباً للسيولة؛ فالسوق متشبعة بالأموال؛ مشيراً إلى أن السوق السعودية تحتل المركز الخامس عشر عالمياً من حيث حجم التداول.
وعن مشكلة القوائم المالية لشركة "موبايلي" قال: إن وقوع الخلل في بعض عناصر السوق وارد، وربما لا يكون ذلك متعمداً؛ فقد يحدث خطأ، واستشهد بما وقع في سوق الأسهم الأمريكية التي وصفها بأنها الأفضل في العالم، ومع ذلك حدثت مشكلة انهيار شركة "إنرون" العالمية، وقال: إن السوق تُصَحّح نفسها بفضل الضوابط الموضوعة وعوامل الحوكمة.
ومن جانبه، اعتبر خالد الجوهر، سوق الأسهم السعودية من أفضل الأسواق المالية في المنطقة العربية من حيث جاذبية الاستثمار وتنوع قطاعات الشركات، والقيمة السوقية، وقيمة التداول اليومية؛ مؤكداً أن هذه العوامل تُشَكّل مجموعة من المحفزات المهمة لجاذبية الاستثمار داخل السوق خاصة للمستثمرين متوسطي وطويلي الأجل.
لكنه طالَبَ بالعمل على رفع مستويات الثقة والسيولة في السوق؛ بهدف تحقيق تغيير في موقع المستثمرين الداخلين في النطاق قصير الأجل، "وهم المضاربون"، وتحويلهم إلى النطاق المتوسط وطويل الأجل، وهو ما يرفع من أداء مؤشر السوق.
ودعا "الجوهر" إلى طرح المزيد من الشركات الكبرى في السوق؛ معتبراً ذلك دافعاً لزيادة عمق السوق وجاذبية الاستثمار فيها، ولافتاً إلى أنه ينجح في جذب حصة من سيولة الودائع المالية في البنوك التي قال إنها تتجاوز 1.45 تريليون ريال، وأكد أن هذا الجذب يحقق نجاحاً في تحويل الاستثمار من سيولة سلبية إلى سيولة استثمارية.