أكد إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ الدكتور أسامة خياط، أن التربية تختلف باختلاف الأزمان والبلدان؛ موضحاً أن ما لا يصلح عند قوم قد يصلح عند آخرين، وما يحسن في بلد قد لا يحسن في بلد آخر، وذكر أن العاقل من كان عنده لكل مقام مقال ولكل آن شأن. وقال "خياط" في خطبة الجمعة اليوم: "مِن بين ما يمنّ به الله على عباده من نِعَم وبين ما يوجبه عليهم من مسؤولية نحوها وتأديتها على الوجه الأكمل ليرضاها سبحانه وتعالى ويُثيب عليها أحسن الثواب لقوله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)".
وأضاف: "الإمام الراعي مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية ومسؤولة عن رعيتها في بيت زوجها والخادم راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في مال أبيه ومسؤول عن رعيته".
وأردف: "الأمانات ضُروب وألوان كثيرة، ومن أَجَلّها منزلة وأعظمها مقاماً أمانة الأولاد ذكوراً وإناثاً، والنعمة بهم من أظهر النعم؛ فهم ثمار القلوب ورياحين النفوس وزينة الحياة الدنيا، ولا نعيم للقلوب بمثل صلاحهم ولا شقاء لها بمثل فسادهم، وهم أمانة الله أودعها آبائهم وأمهاتهم واستحفظهم إياها وحذّرهم من خيانتها وإضاعتها بسوء القيام عليها، أو ترك الوفاء بها".
وحث إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الجميع على الرعاية والعناية بالأبناء والبنات والإحسان بتربيتهم، وإعانتهم على بر والديهم، وذود الأخطار عنهم، ومن أشدها قرناء السوء الذين يفسدون ولا يصلحون ويخونون ولا يؤتمنون.
وقال: "الله أوجب الإحسان للوالدين بكل ألوان البر؛ فكذلك أمَر الله الوالد بالإحسان إلى ولده على بره، ولا يكلفه بالطاعة ما لا يطيق، ولا يرهقه من أمره عسراً، ولا يكون من أولئك الذين لا يعرفون من الحقوق إلا ما كان لهم، ولا يأبهون لما لغيرهم عليهم؛ فإن هذا من التطفيف في المعاملة.. حري باللبيب أن يجتنبه كما يجتنب التطفيف في الكيل والوزن".
أما في المدينةالمنورة؛ فقد حذّر إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف فضيلة الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي من أن إيداع الوالدين دار المسنين، والتكبر عليهما والاعتداء عليهما بالضرب والشتيمة والإهانة، يُعَدّ من أعظم العقوق وليس من أخلاق الإسلام.
وقال: "كثرة عقوق الوالدين من أشراط الساعة؛ لما جاء في الحديث الشريف: "... يكون المطر قيظاً، والولد غيظاً، ويفيض الأشرار فيضاً، ويغيض الأخيار غيضاً".
وقال الشيخ علي الحذيفي في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد النبوي الشريف بالمدينةالمنورة: "إن من أعظم العقوق للوالدين تحويلهما أو أحدهما إلى دار المسنين، وإخراجهما من رعاية الولد والعياذ بالله، وهذه ليست من أخلاق الإسلام ولا من الشهامة والمروءة، ومن أعظم العقوق: التكبر على الوالدين، والاعتداء عليهما بالضرب والإهانة والشتم، والحرمان؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الجنة يوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام، ولا يجد ريحها عاقّ) رواه الطبراني".
وأضاف إمام وخطيب المسجد النبوي: "أعظم الحقوق -بعد حق الله ورسوله- حقوق الوالدين، ولعِظَم حقهما، قَرَن الله حقه بحقهما؛ فقال سبحانه: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً}.
وأردف الشيخ "الحذيفي": "الله عظّم حق الوالدين؛ لأنه أوجدك وخلقك بهما والأم وجدت في مراحل الحمل أعظم المشقات، وأشرفت في الوضع على الهلاك، والأب يرعى ويربي ويسعى لرزق الولد، ويعاني من الأمراض؛ فيسهر الوالدان لينام الولد، ويتعبان ليستريح، ويضيّقان على أنفسهما ليوسعا عليه، ويعلّمانه ليكمل ويستقيم، ويحبانه أن يكون أحسن منهما؛ فلا عجب من كثرة الوصية للوالدين ولا عجب من الوعيد لعقوقهما".
ووصف "الحذيفي" الوالدان بأنهما بابان من أبواب الجنة، مَن برهما دخلها؛ مذكراً بالحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "رَغِمَ أنفه، رَغِمَ أنفه"، قيل: مَن يا رسول الله؟ قال: "من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما ثم لم يدخل الجنة".
وأوضح أن بر الوالدين بطاعتهما في غير معصية الله، وإنفاذ أمرهما ووصيتهما، والرفق بهما، وإدخال السرور عليهما، والتوسعة عليهما بالنفقة وبذل المال لهما، والشفقة والرحمة بهما، والحزن لحزنهما، وجلب الأنس لهما، وبر صديقهما، وصلة ودّهما، وصلة رحمهما، وكف جميع أنواع الأذى عنهما، والكف عما نَهَيَا عنه، ومحبة طول حياتهما، وكثرة الاستغفار لهما في الحياة وبعد موتهما. والعقوق ضد ذلك كله.