خمس سنوات مضت، منذ أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في خطاب بيعته أنه يتعهد ب "إحقاق الحق وإرساء العدل وخدمة المواطنين كافة دون تفرقة". خمسة أعوام كانت أيامها كفيلة بإثبات أن خادم الحرمين و "ملك الإنسانية" كان عند وعده، فقد شهدت تلك السنوات العديد من الإنجازات الكبرى، ولمس المواطن نتائج ذلك في حياته، رخاء وأمناً. وانتهج الملك منذ توليه الحكم سياسة التغيير، وجعل من سياسة الحوار منهجاً للمملكة في الداخل والخارج، ولكن العام الخامس لحكمه شهد تغيرات جمة، كان لها الأثر الكبير.. حيث تم إجراء أول تغيير وزاري يجريه الملك، ودخلت بمقتضاه أول امرأة للحكومة كنائب لوزير، كما امتد التغيير لعدة أجهزة حكومية، ولقطاع القضاء وللبنك المركزي. ولم تكن تلك القرارات سوى امتداد لتعهد الملك عبد الله أمام الله، ثم شعبه، بأن يحق الحق ويرسي العدل في المملكة. لقد أرسى خادم الحرمين الشريفين، قيم التسامح في المجتمع، وترك باب العفو مفتوحاً لكل مواطن أذنب في حق وطنه، وعزز مظاهر الانفتاح المسؤول في المجتمع، حتى أصبح المواطنون أكثر تلاحماً مع قيادتهم لمواجهة التحديات. ولم تكن إنجازات الملك عبد الله في الجوانب السياسية والاقتصادية فحسب، بل إن هناك جوانب لا يغفل عنها أحد، وهي بصماته "الإنسانية" التي لا يمكن نسيانها، فكل خطاب ورسالة من مواطن تحمل شكوى تكون مذيلة برجاء لملك الإنسانية بأن ينهي المعاناة، وهو امتداد للثقة التي منحها الشعب السعودي لمليكه الذي حباه الله بقلب إنساني تمكن من خلاله أن يجمع شعبه تحت رايته من دون تفرقة. وتعد عطاءات الملك عبد الله امتداداً لأدواره قبل توليه الحكم، حيث إنه تولى العديد من المناصب، ولعل أبرزها إنسانياً رئاسة المجلس الأعلى للمعوقين، ورئاسة مؤسسة الملك عبد الله لإسكان والديه الخيري. وكان لزيارته التاريخية للأحياء الفقيرة في الرياض في عام 2002، عندما كان ولياً للعهد، صدى عالمي ومحلي لا ينسى، فمن زيارته تلك تمكن الملك عبد الله من حمل هموم أبناء شعبه من الفقراء والمحتاجين إلى مجالسه التي لا تخلو أبداً، بحسب المقربين منه، من المواطنين وأصحاب الشكوى. أما قراراته الأولى التي تناسبت مع خطابه الأول، الذي تعهد فيه بالسير على خطى مؤسس المملكة وانتهاج نهج الإسلام، فكانت جزءاً آخر من إنسان قادم من قلب الشعب وشاعر بمعاناته. كان أول قرارتاه سبباً في فرح المواطنين بعدما أطلق سراح العديد من سجناء الحق الخاص، أما قرراه الثاني فكان رفع أجور موظفي الدولة بمقدار 15 %، وتخصيص بدل لغلاء المعيشة، وزيادة الضمان الاجتماعي، وتخفيض أسعار الوقود بمقدار النصف، وإنشاء مؤسسة مستقلة تتولى توفير المساكن لذوي الدخل المحدود، بالإضافة إلى عشرات القرارات الإنسانية، كتسديد القروض عن بعض الفئات، وإعفاء ورثة الأموات من قروض أخرى، وتوجيه دعم خاص لفئات أخرى، مع تحميل الحكومة لجزء من رسوم خدمات أساسية. كما أمر بالوقوف على احتياجات المساكين، وزيادة الضمان الاجتماعي، ورفع نسبة إعانات المعوقين، واحتضن أبناءه الشباب عبر أضخم مشروع للابتعاث الخارجي والداخلي؛ إيماناً منه بأن على أيديهم تقوم مشروعات التنمية المقبلة، وأمر بصرف بدل غلاء المعيشة بحكمة ظاهرة فيما نراه اليوم من تراجع وكساد في الاقتصاد العالمي، وانعكاسات ذلك على أسعار السلع. فهذه القرارات وغيرها، كانت مؤشراً على أن قضية الفقر نالت العدالة المطلوبة من السياسات الاقتصادية في المرحلة التي تلت زيارة الملك عبد الله للأحياء الفقيرة بالرياض. وتعكس شهادة رئيس الشؤون الخاصة لخادم الحرمين إبراهيم بن عبد الرحمن الطاسان، حرص ملك الإنسانية على البعد الإنساني في سياسته، حيث يقول: "خادم الحرمين الشريفين كلف مسؤولاً ليتولى شؤون المواطنين والنظر في شكاواهم ومتطلباتهم بشكل يومي، كما وجه باستقبال طلب أي مواطن وعرضه عليه، ويفرح جداً إذا نقلنا إليه حالة مواطن يحتاج فعلاً إلى المساعدة، كذلك الحال بالنسبة إلى العاملين معه". ويضيف: "فمجلس الملك عبد الله لا يخلو من المواطنين الذين يجلسون بجانبه ويتحدثون معه مباشرة عن حاجاتهم، إلى جانب لقاءاته العفوية مع المواطنين في الأسواق والأماكن العامة، حتى إنه وصل إلى منازلهم كما هو معروف في زيارته للأحياء الفقيرة بمدينة الرياض". وأكد الطاسان أن الملك عبد الله لم يبخل بماله وجاهه في مساعدة المحتاجين بشكل دائم ويومي، إضافة إلى اهتمامه الخاص بعتق رقاب كثير من المواطنين الذين تحمل عنهم الدية ليعودوا للحياة من جديد، وبناء وتوسعة المساجد وإقامة المساكن الشعبية للفقراء والمحتاجين. وقال: "كل هذه الأعمال وأكثر هي تعبير حقيقي عن جوهر العلاقة المتميزة بين الملك عبد الله وأبنائه المواطنين، كذلك من جانب آخر، اهتم كثيراً ببناء الإنسان السعودي، ليس بالمال، وإنما بالفكر الذي يغذي وعيه للنهوض بمسؤولياته تجاه دينه ووطنه، فهو على سبيل المثال دعا إلى الحوار الوطني ونجح في ذلك".