ضمن التعديلات المهمة التي أنجزتها وزارة العدل بهدف النهوض بالمنظومة القضائية السعودية، دشّنت أخيراً، دوائر الأحوال الشخصية بمدينة الرياض التابعة للمحكمة العامة؛ للنظر في دعاوى الخلافات الزوجية، والطلاق، والنشوز، والخلع، والحضانة، والنفقة، وحق الزيارة، والعضل، والعنف، والإرث، وغيرها من القضايا المتعلقة بالأسرة، والمرأة. وأشارت مصادر قضائية، ل "سبق"، إلى أن هذا التوجّه سيحقق عدداً من الأهداف الاجتماعية، والأسرية أهمها تسريع قضايا الأسرة داخل أروقة المحاكم، والحد من تأخيرها وتراكمها لأشهر، وأحياناً سنوات طويلة، والعمل على تقليص فترات التقاضي في القضايا الأسرية تحديداً من سنة إلى أسبوع أو أقل بعيداً عن المواعيد الطويلة، والمتباعدة التي لها آثارها الاجتماعية السيئة في "المتحاكمين".
من جانبه، ذكر مدير مشروع الملك عبد الله لتطوير القضاء المهندس ماجد العدوان، أنه تم استحداث 5 دوائر قضائية متخصّصة في الأحوال الشخصية مهمتها البت في القضايا الأسرية داخل المحاكم العامة، وبدأت منتصف الشهر الماضي في الرياض، ومستقبلاً ستعمّم إلى مختلف المناطق وفق جدول زمني أعدّته وزارة العدل.
لافتاً إلى أن الدوائر الجديدة ستتولى الفصل في القضايا الزوجية والأسرية بهدف تسريع التقاضي في قضايا المرأة من خلال استخدام برنامج إلكتروني يقرّب المواعيد بحيث لا تتعدّى أسبوعين على الأكثر، وتنفيذ أحكامها فوراً عبر قضاة التنفيذ بالقوة الجبرية، ومنح الخصوصية الأسرية بعيداً عن القضايا الجنائية الأخرى.
من جانبهم أكّد عددٌ من المحامين والمستشارين القانونيين، ل "سبق"، أن هذا الإجراء - رغم تطبيقه منذ فترة قصيرة - إلا أن مؤشراته ظهرت في تقليل الضغط على القضاة في مباشرتهم قضايا متخصّصة فقط، وأسهم بالفعل في تخفيف نحو 33 % من حجم القضايا الواردة إلى المحكمة العامة بالرياض، وقلل من التذمّر من تأخٌّر البت في القضايا الأسرية وتداعياتها الاجتماعية.
وأشاروا إلى أنه في الأسبوع الماضي انتهت إجراءات التقاضي لإحدى الحالات الأسرية، وحكم فيها خلال يومين فقط، في حين كانت تتأخّر لأشهر، وأحيانا لسنوات طويلة وفق الإجراءات السابقة – وبحسبهم - ساعد كذلك على فصل قضايا الأحوال الشخصية لقضاة معينين في دائرة الأحوال الشخصية، وأنه يعد تمهيداً لتفعيل محاكم الأحوال الشخصية في السعودية، وستحقق الهدف المنشود منها، وهو مصلحة المجتمع، والمرأة في إنهاء إجراءات قضاياها وحصولها على حقوقها حسب طبيعة القضية المطروحة أمام القضاء.
وذكرت الوزارة أن افتتاح دوائر الأحوال الشخصية في مدينة الرياض في مبنى مستقل سيخفّف العبء عن المحكمة العامة، وسيعمل على إنهاء هذه الدعاوى في وقتٍ قياسي لكافة المتقدمين، وينجز الأعمال سريعاً، ويساعد في تفرغ المحكمة العامة للنظر في القضايا الأخرى والمتعلقة بالقضايا الحقوقية والجنائية.
وتأتي هذه الخطوة عقب تقارير تلقتها وزارة العدل، والمجلس الأعلى للقضاء كشفت عن معاناة المرأة في مسيرة التقاضي، خاصةً ما يتعلق بمواعيد الجلسات المتباعدة، وتعدّدها في ظل مماطلة كثير من الأزواج، ولاسيما أن نحو 55 % من حجم القضايا في المحاكم السعودية قضايا أسرية لها ارتباطٌ بالمرأة.
تجدر الإشارة إلى أن دائرة الأحوال الشخصية المخصّصة في الرياض تستقبل القضايا الأسرية، والخلافات الزوجية حالياً في حدود 100 إحالة يومياً، وتقع في مبنى مستقل فصل أخيراً عن المحكمة العامة في شارع الوشم، ويرأسها الشيخ عبد الله بن صالح الخريجي، وفي النظام العام لدوائر الأحوال الشخصية الجديد فهي تنظر في القضايا الجديدة، والقضايا التي تنقض من قِبل محكمة الاستئناف أو المحكمة العليا، والقضايا الناشئة، والقضايا المحالة. وبدأت حالياً في 5 دوائر وستتسع ل 17 دائرة، وتتطلع إلى التحوّل لمحكمةٍ مستقلة قريباً. كما أن أقسام الخدمة الاجتماعية فيها حلت إشكالية تسلُّم الأطفال بين الوالدين "المتحاكمين" من مراكز الشرطة، وحوّلتها إلى "حضانات" الأطفال الحكومية والأهلية؛ ما انعكس على نفسية الأطفال ووالديهم.