اكتشف علماء وباحثون مزيجاً دوائيّاً جديداً، سيمثِّل نقلة نوعية في علاج مرض سرطان المعدة الذي يُودي بحياة أكثر من 800 ألف مريض سنويّاً على مستوى العالم، حيث طوَّر الباحثون إستراتيجية جديدة؛ لعلاج المرضى المُصابين بسرطان المعدة، تجمع بين العلاج الكيميائي وعقار هيرسبتين، وتستهدف بصفة خاصة النوع الأشدَّ عدوانية من المرض، والمعروف باسم "هير 2". ووِفقاً لرئيس شعبة الأورام بمستشفى الملك فيصل التخصصي، ومركز الأبحاث للدكتور شوقي بازارباشي، فإن هذا المزيج الدوائيَّ سيُمثِّل نقلة نوعية في الممارسة الطبية تجاه هذا المرض، وبخاصة النوع الأشدّ فتكاً منه، وهو "هير 2" الذي لا يُكتشَف مبكراً، ومن ثَمَّ يُؤدِّي إلى الوفاة في مراحله الأخيرة إذا لم يُعالَج، ويُشكِّل نحو 16 % من إجمالي حالات هذا المرض. وقال: "إن 35 % من مرضى سرطان المعدة المُتقدِّم يكون لديهم قابلية للاستجابة للعلاج الكيماوي، وبالنسبة للمرضى الذين يكون لديهم سرطان المعدة من النوع "هير2"، فإن فرص الاستجابة للهيرسبتن مُضافاً للعلاج الكيماوي تزيد لتكون 45 % ".
وأوضح الدكتور شوقي أن ثَمَّةَ علامات مُهمَّة للمرض، يمكن أن تدل على وجوده، ومنها حدوث ألم في المعدة عند تناول الطعام، مع غَثَيان وقيء، وفقدان للشهية وللوزن، ونزيف. ونظراً لتشابه تلك الأعراض مع عديد من الأمراض الأخرى، فإن على الأطباء التأكُّد من هذه الأعراض، عن طريق التنظير الداخلي. وثمة عوامل عديدة تزيد من فرص حدوث سرطان المعدة، تشمل الغذاء، وعدوى الميكروب الحلزوني، وإجراء جراحة مُسبقة بالمعدة، وفقر الدم الوبيل، والالتهاب الضموري المُزْمِن بالمعدة، والتَّعرُّض المُسبق للإشعاع، فضلاً عن البدانة وتعاطي الكحول، إضافة إلى العوامل الوراثية. وقد يكون سرطان المعدة في أغلب الحالات مُتعدِّد الأسباب، حيث يجمع بين الاستعداد الوراثي والأسباب البيئية.
وقد كشفت دراسة "توغا" التي عُرِضت مُؤخَّراً في الجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريرية، خلال الاجتماع السنوي في أورلاندو، بولاية فلوريدا الأمريكية، عن نجاح الهيرسيبتين في التقليل من مخاطر الوفاة لدى المرضى المُصابين بالنوع الإيجابي "هير2"، وكذلك سرطان المعدة غير القابل للاستئصال بالجراحة، وذلك بنسبة 26 % مقارنة بالمرضى الذين لا يتلقَّونه. كما يُشار إلى أن المُصابين بأورام تتميَّز بمستويات عالية من جين "هير2" سوف يستفيدون من إضافة هذا العقار إلى العلاج الكيميائي، حيث ثَبَتت فاعليته في زيادة متوسط بقائهم على قيد الحياة بمعدل 16 شهراً.
وكان هذا العقار نفسه الذي نال موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية قد طُبِّق على نحو فعَّال في علاج سرطان الثدي، وحَظِي بثقة الأطباء الذين أصبحوا ينظرون بكثير من الأمل إليه؛ على اعتبار ما قد يُحدِثه من تحوُّل في علاج سرطان المعدة. ويُعَدُّ سرطان المعدة ثاني أكثر أسباب الوفاة التي تُسبِّبها أمراض السرطان شيوعاً على مستوى العالم, وترتفع بشكل ملحوظ مُعدَّلات الإصابة بهذا المرض في دول عديدة من قارة آسيا مثل: كوريا, والصين, وتايوان, واليابان. ويَتوقَّع الباحثون أن يُسهِم المزيج الدوائي الجديد في تحسين فرص العلاج لسرطان المعدة، ويمنح بذلك أملاً جديداً لمن يعانون منه.