فيما أطلق عليه "قيامة النحل" يعكف العلماء الأمريكيون الآن على دراسة ظاهرة اختفاء أكثر من ثلث النحل الأمريكي من خلاياها بطريقة غامضة قالوا إنها تهدد الولاياتالمتحدة بفقدان ثلث إنتاجها من الخضراوات والفاكهة التي تعتمد على النحل في تلقيح نباتاتها وأشجارها. وقالت مجلة "الثقافة النحلية" الأمريكية المهتمة بأصول تربية النحل إن النحالين فوجئوا أن أسراب النحل لم تعد للخلايا كعادتها، مما أدى إلى موت ذريتها حيث اختفى النحل بعدد يقدر بالمليارات تاركا الحقول التي كان من المفترض أن يمتص رحيق أزهارها ونباتاتها. وأضافت أن النحالين الأمريكيون بدأوا يلاحظون هذه الظاهرة في العام 2006، حين اختفى النحل من نحو 600 ألف مستعمرة، أو ما يقدر بثلث النحل الأمريكى، مما حير العلماء الذين يحاولون تفسير ما أطلقوا عليه ظاهرة " انهيار خلية النحل " التى انتشرت في 39 ولاية أمريكية. وذكرت المجلة أنه قبل اختفاء النحل بأيام تبدو خلاياه التي تشبه المستعمرات في أوج نشاطها وقوتها وتؤدي وظيفتها على خير ما يرام، وفجأة تخرج أسراب النحل ولا تعود، وكأنها تبخرت في الهواء. وأوجزت أسباب الاهتمام الأمريكى بهذه الظاهرة الخطيرة، في أن ثلث طعام المواطن الأمريكى يعتمد على عملية التلقيح التي يقوم بها النحل خلال تنقله بين المحاصيل، موضحة أنه بدون عملية التلقيح تفقد الولاياتالمتحدة ثلث إنتاجها من الخضراوت والفاكهة. وقدمت المجلة قائمة من 42 نوعا من الخضراوات والفاكهة يلعب النحل دورا أساسيا في تلقيحها. ونقلت صحيفة " دايتون ديلى نيوز" عن البروفيسور جيمس تيو أخصائى عسل النحل بجامعة ولاية أوهايو، قوله: "إن النحل عامل أساسي في التوازن البيئي، وبدونه يحرم الأمريكي من القمح والذرة". ووصف جيف بيتيس رئيس فريق البحث بمختبر أبحاث وزارة الزراعة الأمريكية أسراب النحل بأنها "بإنها رافعة الأثقال في الزراعة. إنها تتحرك بسرعة ويمكننا أن نضعها بأعداد كبيرة بالقرب من المحصول حين يزهر". وفي مقابلة مع شبكة "ديسكفرى نيوز"، قال بيتيس: "من الواضح أننا نواجه ظاهرة أكثر تعقيدا مما كنا نعتقد". ورصد تقرير لجنة الأبحاث بالكونجرس أن النحل كان مسؤولا عن تلقيح ما قيمته من 15 إلى 20 مليار دولار من الإنتاج الزراعي الأمريكي، أو ما يقدر بنحو 23 % من الإنتاج الزراعى عام 2006. وقالت مجلة "الثقافة النحلية": إنه في عامي 2007 و 2008 قامت وزارة الزراعة الأمريكية بإجراء الأبحاث على الظاهرة، وخلصت إلى أن تضافر عدة عوامل تسببت في هذه الظاهرة، ووضعت الأبحاث ثلاثة احتمالات للظاهرة: الاحتمال الأول هو ان تكون المبيدات الحشرية قد أثرت سلبيا وبشكل غير متوقع على نحل العسل، والاحتمال الثانى أن يكون طفيل جديد قد هاجم النحل. أما الاحتمال الثالث فهو أن يكون النحل قد تعرض لنوع من الضغوط أدت الى إضعاف نظام المناعة لدية، وتسبب في حدوث اضطراب في نظامه الاجتماعى، جعله حساسا تجاه بيئته الطبيعية، ومن هذه الضغوط، ضعف التغذية نتيجة الازدحام الشديد في خلايا تربية النحل، وحبوب اللقاح ذات القيمة الغذائية الضعيفة، أو قلة الرحيق. وفي عام 2007 وجد فريق من علماء مختبر الأبحاث الملحق بوزارة الزراعة الأمريكية علاقة ما بين ظاهرة انهيار خلايا النحل، وبين "فيروس الشلل الحاد الإسرائيلي" نسبة الى موطنه "إسرائيل". وهذا الفيروس انتقل إلى النحل من طفيل يطلق عليه " فروا " يتغذى على دم النحل، وكانت خلايا النحل المنهارة أكثر تعرٌضاً للإصابة بالفيروس من خلايا النحل المزدهرة ذات الصحّة الجيّدة. وقالت المجلة: كشف تقرير للكونجرس أنه تم تخصيص نحو 26 مليون دولار منذ عام 2007 وحتى عام 2010، لدعم أبحاث الزراعة الأمريكية فيما يخص ظاهرة انهيار خلايا النحل، وأن العلماء اقترحوا نحو 200 نظرية لتفسير الظاهرة. وأضافت أنه حتى عام 2010 لا يبدو أن العلماء وضعوا أيديهم على سبب الظاهرة.