مع بداية الاحتفالات بعطلة الكريسماس (عيد الميلاد) في البلاد الغربية هذه الأيام، يتجدد التساؤل لدى المسلمين المقيمين في تلك البلاد حول شرعية الاحتفال أو المشاركة في هذه الأعياد، ومن ضمنهم المبتعثون السعوديون وأسرهم، والبالغ عددهم حوالي 257 ألف مبتعث ومرافق. ففي هذه الأيام يقضي هؤلاء المبتعثون تلك الإجازة في بلاد ابتعاثهم ومحل إقامتهم ودراستهم، فيما يفضّل البعض العودة لأرض الوطن وقضاء هذه الإجازة -أسبوعان تقريباً- بين أسرهم وأهاليهم.
وفي هذا الخصوص أوضح ل"سبق" الطالب عبدالله الأسمري، المبتعث من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، لدراسة الدكتوراه في تخصص علم النفس المعرفي بمدينة كولشستر البريطانية موقفهم من المشاركة في هذه الأعياد بقوله: "فيما يتعلق بالأعياد، نحن لا نشاركهم ونبين لهم أن لدينا أعياداً دينية، وهما عيد الفطر وعيد الأضحى، ولا يجوز لنا الاحتفال بغيرها".
وأضاف: "أما من ناحية الهدايا فلا نهديهم، ولكن نتقبل منهم الهدايا؛ لأنهم يقبلون هدايانا في أعيادنا عندما نقدمها لهم. فمثلاً أنا أقدم طبق حلوى وبعض المأكولات الخفيفة للقسم الذي أدرس فيه، وكذلك للجيران نمر عليهم بيتاً بيتاً، ونوزع بعض الحلوى، ونبلغهم بأن لدينا عيداً، وكذلك نزور مدرسة الأولاد، ونوزع الحلوى على زملاء الأولاد ومعلميهم". وأما من ناحية التخفيضات، فيكمل الأسمري ضاحكاً: "نستغلها لكونها عروضاً حقيقية، وليس فيها حرج من الناحية الشرعية، وهي التي جعلتني أرسل لك الصور؛ لأني أتذكر أن في السعودية إذا جاء العيد زادت لدينا الأسعار!".
المغامسي: لا يجوز للمبتعثين تهنئة النصارى أو المشاركة في أعيادهم
من جانبه أفتى الشيخ صالح بن عواد المغامسي، إمام وخطيب مسجد قباء بالمدينةالمنورة، ومدير عام مركز بحوث ودراسات المدينةالمنورة، ومفسر القرآن المعروف بحرمة تهنئة النصارى بهذه الأعياد أو المشاركة أو المتاجرة فيها، وقال: "لا يجوز للمسلمين المقيمين في الدول الكافرة، ولا المبتعثين إليها، ولا المارين بها، ولا العابرين عليها، ولا الذين يقضون نقاهة مرضية فيها، أن يشاركوا في أي شيء في تلك الليالي، ولا أن يسهموا فيها، ولا أن يتولوا أحداً بهدية"، مؤكداً أن هذا دين لقوله تعالى: "وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ".
الفقهاء اختلفوا في تكييف مشاركة المسلمين في تلك الأعياد
ومع اتفاق علماء الأمة على حرمة احتفال المسلمين في بقاع الأرض بأعياد المشركين وأهل الكتاب الدينية، كما يحتفلون بعيد الفطر، وعيد الأضحى، غير أن بعض الفقهاء اختلفوا في تكييف "مشاركة المسلمين" لغيرهم في الاحتفال بأعياد الكريسماس، والمقرر في نهائية شهر ديسمبر الجاري، حيث لا يرى المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء بأساً من تهنئة القوم بأعيادهم لمن كان بينه وبينهم صلة قرابة أو جوار أو زمالة، أو غير ذلك من العلاقات الاجتماعية، التي تقتضي حسن الصلة، ولطف المعاشرة التي يقرها العرف السليم.