قررت فرنسا أمس الاثنين استمرار حظر الحجاب الذي تفرضه على المشرفات المتطوعات في المدارس على الرغم من تحذير من أنها تتجاوز بذلك القانون الخاص بالحياد الديني في الخدمة العامة. وقال مجلس الدولة الذي يقدم المشورة للحكومة في المنازعات الإدارية في تحليل من 32 صفحة إن هذه الحيادية لا تنطبق على الأمهات اللائي يقدمن المساعدة بمرافقة تلاميذ المدارس في الجولات الخارجية مثل زيارة المتاحف.
وبادر وزير التعليم فإنسان بيون إلى إعلان أن الحظر سيستمر لأن رأي المجلس قال أيضاً إن بوسع المدارس أن تفرض قواعد داخلية تمنع الملابس التي تنم عن انتماء ديني.
وقال في بيان بعد نشر تحليل المجلس "المذكرة (التي تقر الحظر) سارية".
وفرضت فرنسا الحظر العام الماضي ضمن عدة خطوات اتخذتها في السنوات الأخيرة لتشديد سياستها العلمانية الصارمة. وحظرت الحجاب في المدارس العامة قبل عشر سنوات ثم حظرت تغطية الوجه بالنقاب في الأماكن العامة عام 2011.
وبحثت أيضاً تمديد هذه الحيادية الدينية التي تحكم نظام الخدمة العامة منذ فترة طويلة لتشمل بعض الأنشطة التجارية للقطاع الخاص مثل دور الحضانة.
ونددت منظمات المسلمين بالقيود المتزايدة الصرامة على ارتداء الملابس ذات الصبغة الدينية باعتبارها تمييزاً ضدهم. ويعيش في فرنسا زهاء خمسة ملايين مسلم يمثلون أكبر أقلية للمسلمين في أوروبا.
والسياسة العلمانية الرسمية لفرنسا نتاج نضال طويل ضد الكنيسة الكاثوليكية القوية انتهى بالفصل بين الكنيسة والدولة في عام 1905 ولا تزال تمثل حقل ألغام سياسياً للحكومات ومنتقديها.
وتعرض رئيس الوزراء جان مارك ايرو لضغوط من المعارضة المحافظة وبعض زملائه الاشتراكيين الأسبوع الماضي بعد أن ورد في تقرير وضع في موقعه على الإنترنت أن فرنسا ينبغي أن تلغي هذه السياسة وتعترف "ببعدها العربي الشرقي".
ونفى أن ما تضمنه التقرير الذي جاء في إطار دراسة لسبل مكافحة التمييز سيصبح سياسة رسمية.
وستصدر أعلى محكمة إدارية في فرنسا حكمها في أوائل العام المقبل في طعن قدمته امرأة فصلت من عملها في دار لرعاية الأطفال تابعة للقطاع الخاص لأنها بدأت تضع الحجاب على الرغم من أن ذلك محظور بموجب لائحة داخلية خاصة بالملابس.
ومجلس الدولة هو ثاني هيئة استشارية تحذر الحكومة في الآونة الأخيرة من تجاوز حدود السياسة العلمانية.
فقد نصح "مرصد العلمانية" الذي عينه الرئيس فرانسوا أولوند الحكومة في أكتوبر من سن قانون جديد لتمديد الحيادية الدينية لتشمل بعض الأنشطة التجارية للقطاع الخاص برغم أن الفكرة تتمتع بالتأييد داخل الحزب الاشتراكي.