رعى أمير منطقة الباحة الأمير مشاري بن سعود بن عبد العزيز بحضور رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، مساء أمس الثلاثاء، وضع حجر الأساس للمرحلة الأولى لمشروع تطوير قرية ذي عين التراثية بمنطقة الباحة، وتوقيع اتفاقية تأهيل قرية ذي عين بين مركز التراث العمراني الوطني وجمعية قرية ذي عين التعاونية. ووضع أمير منطقة الباحة حجر الأساس للمرحلة الأولى من مشروع تطوير القرية الذي تنفذه الهيئة العامة للسياحة والآثار بقيمة تبلغ ستة ملايين و305 آلاف و633 ريالاً، ثم شاهد المخططات الهندسية الخاصة بالمشروع.
وفتح أمير منطقة الباحة ورئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الباب الجديد للقرية الذي يحاكي تراث القرية القديم، ثم اطلعا على معرض أهالي القرية الذي يضم العديد من الصور الفوتوجرافية والتشكيلية، وشاهدا العديد من الأدوات الخصفية التي تصنعها الأسر المنتجة بالقرية، فضلاً عن العديد من منتجات مزارعي القرية التي تنتج الموز والكادي والريحان وغيرها.
وشاهد أمير المنطقة ورئيس "هيئة السياحة"، خلال الجولة التي قاما بها في القرية التراثية، الأدوات القديمة التي كان يستخدمها الأهالي قديماً، كما اطلعا على نموذج لما يعرف ب"الكتاب" قديماً، والذي كان يهدف إلى تعليم الأهالي حفظ القرآن والقراءة والكتابة.
وافتتح أمير منطقة الباحة وسمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار مشروع الحديقة التي نفذتها أمانة المنطقة بجوار القرية بقيمة تفوق أربعة ملايين ريال، وأزاحا الستار عن اللوحة التذكارية وقصّا الشريط للحديقة.
وبعد ذلك، شهدا توقيع الاتفاقية بين الهيئة العامة للسياحة والآثار وجمعية قرية ذي عين التراثية.
وتنص الاتفاقية التي وقعها عن "الهيئة" المدير التنفيذي لمركز التراث العمراني الوطني الدكتور محسن بن فرحان القرني، وعن الجمعية رئيس مجلس إدارتها يحيى حسين عارف، على منح الهيئة حق الانتفاع من القرية لمدة 30 عاماً مقابل تحمل الهيئة تكاليف الترميم والصيانة للمباني وعلى أن تلتزم بالمحافظة على مباني القرية والمحافظة على هويتها وأصالتها، وتتحمل جميع تكاليف الترميم والصيانة خلال مدة الاتفاقية.
وتنصُّ الاتفاقية على أن تعمل الهيئة على تسجيل القرية كموقع تراثي وفقاً للنظام التراثي، فيما تلتزم الجمعية وملاك القرية بمنح الهيئة حق استغلال المبنى واستثماره بما يتناسب مع هويته وأصالته، وعدم القيام بأي من التصرفات التي تؤثر على ملكية العقار من بيع أو رهن خلال مدة الاتفاق.
وتتضمن الاتفاقية التزام الجمعية بالمحافظة على المبنى بعد مدة الاتفاقية وسلامة عناصره ومحتوياته، إضافة إلى التزام كل جهة عند تسجيل القرية كموقع تراثي بالمحافظة على مباني القرية باعتبار ذلك موقع تراثي عمراني وطني.
وتنص الاتفاقية كذلك على أن يفوض الملاك الجمعية بتسليمهم أمام الهيئة وتمثيلهم أفراداً ومؤسسات.
وبعد التوقيع، بدأ الحفل بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم ألقى معرف قرية ذي عين حسين أحمد العمري كلمة رحب فيها بأمير منطقة الباحة ورئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، مبرزاً ما حظيت به القرية من دعم ومؤازرة إلى أن بدأت تستعيد حياتها بشكل كبير.
وأشاد بالاتفاقية التي وقَّعتها الهيئة مع جمعية ذي عين، معبراً عن شكر أهالي القرية لكل من ساهم وعمل على تطوير وتنمية القرية التراثية.
وشاهد الحضور مشهداً حركياً يحكي تراث وعادات أهالي القرية قديماً، ثم قُدمت العرضة الشعبية.
وتم الإعلان عن توجيه رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار بدمج المرحلتين الأولى والثانية لتطوير القرية ورفع الاعتماد المالي من ستة ملايين إلى 16 مليون ريال، إلى جانب البدء في تنفيذ المواقع الملحقة بالقرية بالتنسيق مع أمانة المنطقة.
وتسلم أمير منطقة الباحة هدية تذكارية من جمعية ذي عين التراثية، كما تسلم رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار هدية مماثلة بهذه المناسبة.
وشكر أمير منطقة الباحة رئيس "هيئة السياحة" على دعمه لمختلف المشروعات السياحية والتراثية بالمنطقة، مشيداً بتوجيهات هذا الأخير على صعيد الاعتمادات المالية للمشروعات التطويرية في القرية.
وقال الأمير "سلطان": "الهيئة تعمل في منطقة الباحة حالياً على تنفيذ العديد من المشروعات التراثية في عدد من المواقع، ونحاول الاستفادة من جزء من القرية في تدشين فندق سياحي، إضافة إلى فندق مجاور للقرية".
وأضاف: "بعد ستة أسابيع سيبدأ طرح شركة الفنادق للضيافة التراثية التي أسستها الدولة مؤخراً، وأنا سعيد باحتفاء أهالي قرية ذي عين بما وصلت إليه قريتهم من تطور خلال السنوات الماضية".
وأردف: "هناك أعمال أخرى تُجرى في المنطقة في سياق منظومة التراث العمراني مثل قصر بن رقوش ومواقع أخرى بادر أهلها بالتعاون مع الهيئة في ترميمها وتأهيلها".
وقال: "الهيئة تسعى إلى إيجاد الحلول لمشكلة ضعف تمويل مشروعات القرى التراثية، وتعمل مع شركائها في مساعدة الشباب على إنشاء الجمعيات التعاونية والشركات والحصول على القروض مع البنوك لتطوير القرى التراثية، إضافة إلى تدريب أهالي تلك القرى للقيام بأعمال الترميم والإشراف على صيانتها، علاوة على تدريبهم على تقديم الخدمات والاستفادة من بيع منتجاتهم".
وأضاف: "يهدف مشروع تطوير قرية ذي عين التراثية إلى الحفاظ على المباني المتبقية في القرية وترميمها وتأهليها، وقد شرعت الهيئة في إنقاذ المباني القائمة وواجهات المباني المطلة على الممرات، إضافة إلى تأهيل الممرات، واجتمعنا مع ملاك المباني لإشراكهم في عملية الحفاظ على القرية من خلال جمعية ذي عين التعاونية، التي تأسست بدعم من الهيئة للعناية بالتراث العمراني".
وأردف: "ستعمل الجمعية على تحقيق جملة من الأهداف من أهمها المحافظة على أملاك أهالي القرية والحفاظ عليها واستثمارها وتسويقها سياحياً، وإعادة تأهيل المباني الأثرية بها واستثمارها لصالح الأهالي، إلى جانب إيجاد فرص عمل لأبناء القرية والأسر المنتجة، وتحقيق عوائد مالية مجزية لهم مع إحياء الحرف اليدوية والمنتجات الزراعية وتبني جميع المشروعات داخل القرية وفي محيطها".
وقال: "تشمل المرحلة الأولى من تطوير قرية ذي عين التراثية تأهيل الممرات الرئيسة للقرية، وترميم وتأهيل المباني المطلة على الممرات، وسيبدأ العمل في ترميم المباني الأكثر خطورة الواقعة على الممرات الرئيسة؛ بهدف إزالة أية خطورة محتملة لتأمين الممرات ولتمكين الزوار من زيارة البلدة".
وأضاف: "يجري حالياً إعداد الدراسات والمخططات الخاصة بمشروع إيصال الطريق والجلسات إلى منبع الماء، وقد طرح مشروع استكمال مركز الزوار في القرية".
وأردف رئيس "هيئة السياحة": "تتضمن خطة تطوير القرية ثلاث مراحل يستمر تنفيذها على مدار خمس سنوات، وتشمل إعداد الرؤية الاستراتيجية لتنمية القرية بشكل مستدام، وهي المرحلة الأولى التي تتضمن تأهيل الممر الرئيس للقرية، وإيجاد جلسات ومطلات على طول الممر وصولاً إلى شلال الماء، إضافة إلى إعادة افتتاح مسجد القرية الأثري، وتأهيل عدد من المباني لتكون المتحف الخاص بها، وإنشاء مركز للزوار، ومحالّ تجارية لأهالي القرية".