تشهد قرية ذي عين الأثرية الواقعة في محافظة المخواة في هذه الأيام أعمال تأهيل وتطوير تشرف عليها الهيئة العامة للسياحة والآثار، وتضمنت الخطة التنفيذية لتطوير القرية ثلاث مراحل يستمر تنفيذها على مدار خمس سنوات، وتشمل إعداد الرؤية الاستراتيجية لتنمية القرية بشكل مستدام، وهي المرحلة الأولى التي تضمنت تأهيل الممر الرئيس للقرية، وإيجاد جلسات ومطلات على طول الممر وصولاً إلى شلال الماء، إضافة إلى إعادة افتتاح مسجد القرية الأثري، وتأهيل عدد من المباني لتكون المتحف الخاص بها. كما تضمنت المرحلة الأولى إنشاء مركز للزوار، ومحلات تجارية لأهالي القرية، ومطعماً، ومحل تموينات غذائية، ودورات مياه عامة، كما تم البدء بالتشغيل التجريبي للقرية من قبل جمعية قرية ذي عين التعاونية في خطوة تهدف إلى بدء تدريب أعضاء الجمعية والمجتمع المحلي للتعامل مع الوضع الجديد لقريتهم كمورد اقتصادي يحقق لهم دخلاً مادياً، ويوفر فرص العمل لأبناء القرية، ولتعزيز ذلك بدأ فرع هيئة السياحة والآثار في منطقة الباحة بتنفيذ برنامج تدريبي منوع لأفراد المجتمع المحلي في قرية ذي عين من خلال دورة في التعامل مع الزوار، وستتبعها دورات أخرى. من جانبه، أوضح المدير التنفيذي لفرع الهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة الباحة، المهندس منصور الباهوت، أنه سيتم وضع حجر الأساس لمشروع تطوير قرية ذي عين التراثية المرحلة الأولى، وتوقيع الاتفاقية المبرمة مع أهالي القرية، التي يمثلهم فيها جمعية ذي عين التعاونية، وتشمل المرحلة الأولى من التطوير ترميم المباني الحجرية «الجدران والأسقف»، إضافة إلى الممرات الرابطة بين منازل القرية، ويجري الآن إعداد الدراسات والمخططات الخاصة في مشروع إيصال الطريق والجلسات إلى منبع الماء، كما أشار المهندس الباهوت إلى أنه تم طرح مشروع استكمال مركز الزوار في القرية، وسيتم استكمال الإجراءات خلال الأيام المقبلة. الجدير بالذكر أن قرية ذي عين الأثرية تقع في منحدر طريق عقبة الملك فهد الذي يربط سراة منطقة الباحة بتهامتها على مسافة 20 كلم من مدينة الباحة، وهي قرية مبنية من الحجارة مسقوفة بأشجار العرعر التي نقلت إليها من الغابات المجاورة، وزينت شرفاتها بأحجار المرو والكوارتز على شكل مثلثات متراصة، وتوجد فيها بعض الحصون الدفاعية التي أنشئت قديماً لحمايتها من الغارات، أو لأغراض المراقبة. ويوصف مناخها بأنه حار صيفاً معتدل شتاء، كونها في منطقة منخفضة ضمن الجزء الذي يسمى بمنطقة تهامة العليا من منطقة الباحة وهي ترتفع عن مستوى سطح البحر بحوالي 1985 متراً تقريباً، وتكون الأمطار فيها غزيرة في فصل الصيف؛ حيث تسقط بمعدل كبير بسبب موقعها بين كتلة من الجبال، ما يؤدي إلى تكثف الغيوم وهطول الأمطار الرعدية، فيما يكون هطول الأمطار متوسطاً على القرية في فصل الشتاء. وما يميز قرية ذي عين الأثرية عن غيرها من القرى التراثية المتناثرة في منطقة الباحة، التوليفة التي تحتويها من مبانٍ تراثية ومدرجات زراعية يتم تغذيتها عبر عين الماء التي تجري على مدار العام، وهي التي يتقاسمها المزارعون وفق نظام تم إقراره من قبلهم وهم ملتزمون به حتى اليوم. وتم في هذا الصدد تأسيس أول جمعية تعاونية على مستوى المملكة تُعنَى بالمحافظة على التراث العمراني وإدارة الوجهات السياحية وسميت بجمعية قرية ذي عين التعاونية، وكان ذلك في عام 1429ه، وتحمل هذه الجمعية جملة من الأهداف من أهمها المحافظة على أملاك أهالي القرية والحفاظ عليها واستثمارها وتسويقها سياحياً، وكذا إعادة تأهيل المباني الأثرية بها واستثمارها لصالح الأهالي، إلى جانب إيجاد فرص عمل لأبناء القرية والأسر المنتجة، وتحقيق عوائد مالية مجزية لهم مع إحياء الحرف اليدوية والمنتجات الزراعية وتبني جميع المشاريع داخل القرية وفي محيطها.