تسعى السعودية خلال الفترة المقبلة إلى إنشاء محاكم ودوائر متخصصة للأوقاف، وهي خطوة إن تمت ستكون بمثابة الخطوة المتقدمة؛ لتسهيل إجراءات وأعمال الأوقاف في البلاد، وسط مطالبات بأن يكون هناك نظام يتضمن إعفاء الأوقاف عامة، ومنها الشركات الوقفية، من جباية الزكاة والرسوم الحكومية، وسط معلومات تفيد بأن نسبة تقيّد الشركات السعودية بإخراج الزكاة مازال "دون المأمول". وتأتي هذه التطورات مع اختتام الملتقى الثاني لتنظيم الأوقاف مساء أمس الخميس في العاصمة الرياض، برعاية الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، رئيس المجلس الأعلى للأوقاف، وسط عقد مجموعة من ورش العمل والأوراق المطروحة، في ظل حضور كبير جداً ولافت.
وفي هذا الإطار، خلص "الملتقى" في ختام جلساته بعدة توصيات أهمها: ضرورة السرعة في تفعيل الهيئة العامة للأوقاف، والتأكيد على استقلاليتها، وتعزيز دورها في "حوكمة الأوقاف"، وتطوير إجراءات توثيق الأوقاف وتسجيلها، والسعي في تحقيق البيئة الجاذبة للأوقاف، وتطبيق نظام "الحوكمة"، والرفع للمقام السامي؛ لاعتماد إصدار صكوك وقفية للأوقاف، التي لا تملك صكوكاً ولا حجج استحكام، وهي أوقاف مثبتة وليس فيها تعدٍ على الغير، وتبنّي مبادرة وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بدعوة لجنة الأوقاف بغرفة الرياض؛ لوضع صيغ تنظيمية للأوقاف، بالصيغة التي تحميها، والتنسيق في ذلك مع المجلس الأعلى للقضاء، ووزارة العدل، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد؛ مما يساعد في إيجاد التنظيم الكافي المتسق في نظام القضاء والأوقاف.
كما أوصى "الملتقى" بأهمية دعوة وزارة العدل؛ لإنشاء مكاتب استشارية للواقفين في المحاكم الشرعية أسوة بمكاتب الصلح، وإنشاء محاكم أو دوائر متخصصة للأوقاف تسهل أعمالها وإجراءاتها؛ استناداً للمادة التاسعة من نظام القضاء، وإصدار نظام يتضمن إعفاء الأوقاف عامة، ومنها الشركات الوقفية، من جباية الزكاة والرسوم الحكومية، وتأكيد الجهات المختصة على أصحاب الفضيلة القضاة، وكتاب العدل، بإفراغ العقارات المملوكة للشركات التي يملك "الوقف" حصصاً أو أسهماً فيها دون الحاجة إلى إذن القاضي؛ كون الملكية في الحصص والأسهم وليس في أصل العقار.
وأوصى "الملتقى" بأهمية تخصيص وزارة التجارة والصناعة قسماً لتقديم الخدمات، وتسهيل الإجراءات المرتبطة بتأسيس المؤسسات والشركات الوقفية؛ لتشجيع رجال الأعمال على البذل لخدمة المجتمع، إضافة إلى أهمية تقديم الحكومات في الدول العربية والإسلامية تسهيلات، لتيسير أعمال المؤسسات الوقفية، وتمكينها من تعزيز دورها في تفعيل "الوقف"، وأنشطته، ومجالاته المختلفة في المجتمع.
كما أوصى "الملتقى" بأهمية الرقابة على الأداء في المؤسسة الوقفية، وفوائدها في تطوير الأداء وزيادة فعاليته، وتفعيل المتخصصين لإعداد الخطط التشغيلية في الأداء الإستراتيجي للأوقاف، وضرورة توسيع المصارف، وعدم تحديدها بحيث تتفق مع كل زمان ومكان، وزيادة التوعية بأولويات المصارف الوقفية بمختلف الوسائل الإعلامية، وتوجيه الموقفين من خلال نظار الأوقاف والقضاة إلى مجالات الحاجة الماسة، والعناية بتأهيل العاملين في قطاع الأوقاف علمياً وإدارياً، والعناية بحوافزهم المادية والمعنوية.
وأوصى "الملتقى" - كذلك - بضرورة العناية بتأهيل العاملين في هيئات النظر في مجال الوقف، وتوظيف الكفاءات العلمية والمهنية، وإنشاء شركات متخصصة في هذا المجال، والعناية في التخطيط الإستراتيجي لمصارف الأوقاف ببرامج إستراتيجية التحول إلى مجتمع المعرفة في السعودية، والعناية باستثمارات الأوقاف وتنويعها، وفق الأسس العلمية والمهنية وإدارة المخاطر، والاستفادة من التجارب الدولية والمحلية، في إنشاء الصناديق الاستثمارية الوقفية، والتوعية بعدم إثبات أوقاف، أو وصايا لناظر واحد، والتشجيع على "النظارة الجماعية".
كما أوصى "الملتقى" بأهمية التوصية للعمل نحو دمج الأوقاف الصغيرة؛ لرفع الكفاءة الاستثمارية، وزيادة الرقابة، وتقليل التكاليف، والتوصية في استثمار الأوقاف للاستفادة من أسعار التمويل الإسلامي المنخفض الكلفة، وقيام المحكمة العليا بإصدار مبادئ قضائية في المسائل التي هي محل خلاف بين أصحاب الفضيلة القضاة، ومن ذلك "الوقف الذُرّي"، وحث المؤسسات الوقفية والمهتمين بالأوقاف للترشح ل(جائزة وقف)، والتي دشنها وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، في الملتقى الثاني لتنظيم الأوقاف، وأهمية استمرار عقد هذا "الملتقى" كل سنة بصفة دورية؛ لدراسة وعرض الموضوعات والقضايا والمستجدات التي تهم "الأوقاف".