قال الرئيس السوري، بشار الأسد، الاثنين، إن بلاده تمر بمحنة غير مألوفة هددت أمنها واستقرارها، أدت إلى حالات من الاضطرابات وحوادث شغب وأعمال قتل وتخريب للممتلكات، في ثالث خطاب يدلي به منذ اندلاع احتجاجات شعبية، هي الأخطر التي تواجه نظامه منذ توليه السلطة قبل 11 عاماً. وصرح الأسد أن بعض الاحتجاجات الشعبية "استخدمت كغطاء للمخربين بغرض بث الفوضى والقتل،" على حد تعبيرها، لا سيما في "جسر الشغور" التي شهدت حملة عسكرية واسعة دفعت بالعديد من السوريين إلى الفرار إلى تركيا، لافتاً إلى امتلاك "الفئات المخربة" لمعدات متطورة استدعت تدخل الجيش السوري في معرة النعمان. وأضاف بالقول: "التجربة العميقة والهامة التي نمر بها بما تحمله من ألم وحسرة تدفعنا لتأمل جانبها السلبي وما تحمله من خسائر بالأرواح والممتلكات والأرزاق بالمستوى المادي والمعنوي وبجانبها الايجابي وما يحمله من اختبارات هامة لنا جميعا كشفنا من خلالها معدننا الوطني الحقيقي بقوته ومتانته وبنقاط ضعفه." وأضاف الأسد: "نحن ننظر إلى الأمام ورؤية المستقبل تتطلب حتما قراءة عميقة للماضي وفهما دقيقا للحاضر ومن البديهي أن يكون السؤال السائد اليوم هو: ما الذي يحصل؟ ولماذا؟ وهل هي مؤامرة؟ ومن يقف خلفها؟ أم هي خلل فينا؟ فما هو الخلل وغيرها من التساؤلات الكثيرة والطبيعية في مثل هذه الظروف. وأوضح الرئيس السوري في أول كلمة له منذ 16 إبريل/نيسان الماضي، إن سوريا كانت دوماً "هدفاً لمؤامرات مختلفة قبل أو بعد الاستقلال لأسباب عدة بعضها مرتبط بالجغرافية السياسية الهامة للبلاد والبعض الأخر مرتبط بمواقفها السياسية المتمسكة بمبادئها ومصالحها." وبشأن خطابه الذي يأتي بعد شهرين من آخر كلمة له: "تأخرت في الحديث لأني لا أريد منبراً دعائياً.. وأن ذلك فتح مجال الشائعات." مشيراً إلى أن المؤامرات ك"الجراثيم تتكاثر في كل لحظة وكل مكان لا يمكن إبادتها وإنما يمكن العمل على تقوية المناعة في أجسادنا لصدها فما رأيناه من مواقف سياسية وإعلامية ليس بحاجة للكثير من التحليل ليؤكد وجودها." وعدد الأسد ثلاثة مكونات تقف وراء الأحداث في الشارع السوري: وهي صاحب حاجة أو مطلب يريد من الدولة تلبيتها له وهذا واجب من واجبات الدولة، والثاني يمثله عدد من الخارجين على القانون والمطلوبين للعدالة بقضايا جنائية، أما المكون الثالث فهو الأكثر خطورة بالرغم من صغر حجمه وهو يمثل أصحاب الفكر المتطرف والتكفيري. وقال إنه تفاجأ بعدد المطلوبين في قضايا جنائية وقدر عددهم بقرابة 64 ألف شخص، أي ما يعادل ثلاثة كتائب عسكرية، على حد قوله.
وأضاف أن أصحاب الفكر المتطرف عملوا على "استحضار خطاب مذهبي مقيت لا ينتمي إلينا ولا ننتمي إليه". وأكد بأن الأحداث التي تشهدها بلاده لا علاقة بها بالتطوير والإصلاح، بل عبارة عن تخريب. وتوعد في كلمته بملاحقة المخربين وكل من تسبب في إراقة الدماء، كما دعا النازحين إلى العودة إلى قراهم، بعد أن دفع العنف بالآلاف للنزوح نحو تركيا. ويذكر أن الحكومة السورية نسبت أعمال العنف التي تصدت بها للاحتجاجات الشعبية إلى "جماعات إرهابية مسلحة."
الأسد يُلقي كلمة إلى شعبه اليوم.. وقواته تعوّق فِرار اللاجئين إلى تركيا سبق - متابعة: يوجّه الرئيس السوري بشار الأسد، اليوم، كلمةً إلى الشعب، في الوقت الذي تجتاح فيه قواته المنطقة الحدودية الشمالية الغربية مع تركيا، في حملةٍ عسكريةٍ لإعاقة فِرار مزيدٍ من السكان إلى تركيا. وتأتي هذه العملية على امتداد الحدود في أعقاب أكبر احتجاجات يوم الجمعة منذ الانتفاضة المناهضة للأسد التي بدأت قبل أربعة أشهر. وقالت جماعة حقوقية إن "قوات الأمن قتلت بالرصاص ما يصل إلى 19 شخصاً يوم الجمعة". وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء أن الأسد سيتناول "الأوضاع الراهنة" في البلاد وهو أول خطاب له منذ 16 أبريل، والثالث منذ بدء الانتفاضة الشعبية في سهول حوران الجنوبية في 18 مارس. وقالت المعارضة السورية سهير الأتاسي: "في هذا الخطاب ندعوه للحذر، هو اليوم في حضرة الشعب السوري الحر؛ شعب واضح في مطالبه..إسقاط النظام ولن ينفع بشار الأسد تجاهل أن الشعب يطالب برحيله". وقال سفير سوريا لدى واشنطن في مقابلة صحفية إن حكومته تفرّق بين المطالب المشروعة للمحتجين ومطالب العصابات المسلحة. وأضاف أن الأسد سيتناول هذه القضايا في كلمته. وعّر بالفعل أكثر من عشرة آلاف لاجئ سوري الحدود إلى تركيا، ويقول مسؤولون أتراك إن عشرة آلاف آخرين لجأوا إلى مناطق قريبة من الحدود داخل سوريا مباشرة في حدائق الزيتون ومزارع الأرز الواقعة حول بلدة جسر الشغور. لكن عمار قربي الناشط السوري في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان قال إن "الجيش يمنع الآن مغادرة هؤلاء الذين مازالوا داخل سوريا". وأردف قائلا ل "رويترز" إن الجيش السوري انتشر حول المنطقة الحدودية لمنع السكان الخائفين من الفرار عبر الحدود إلى تركيا. واتهم أيضا القوات الموالية للحكومة بمهاجمة الناس الذين يحاولون مساعدة اللاجئين خلال فرارهم. وتعهد رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا بإبقاء الحدود التركية مفتوحة أمام اللاجئين ووصف القمع الحكومي السوري بأنه "وحشي" ولكن وراء الكلمات لم يتضح إذا ما كان تقارب أنقرة مع دمشق قد أكسب تركيا إي تأثير لدى الأسد لوقف العنف. وقال شهود إن القوات السورية ومسلحين موالين للأسد سيطروا على بلدة بداما الواقعة على بُعد كيلو مترين فقط من تركيا يوم السبت وقاموا بإحراق منازل واعتقال العشرات. وقال عمر وهو مزارع من بداما استطاع الوصول إلى المنطقة الحدودية "هناك حواجز طرق في كل مكان في بداما لمنع الناس من الفرار لكن القرويين يعثرون على طرق أخرى عبر الوديان للفرار إلى الحدود التركية". وقال نجار ذكر أن اسمه حمود بالهاتف ل "رويترز": "لم يصلنا خبز اليوم. كان هناك مخبز واحد يعمل في بداما لكنه أغلق قسراً. الشبيحة (المسلحون الموالون للأسد) يطلقون النيران عشوائيا". وأضاف "أصيب رجل في بداما واستطعنا تهريبه إلى مستشفى في تركيا لكن كثيرين يخشون من أن يتم إطلاق النيران عليهم إذا حاولوا عبور الحدود". وصب المحتجون السوريون الذين يواجهون قوات تطلق الذخيرة الحية، جام غضبهم على الأسد خلال الليل. وقال شهود ونشطاء إن مظاهرات تفجرت خلال الليل في مدن حماة وحمص واللاذقية ودير الزور وضواح عدة بالعاصمة دمشق وفي البوكمال على الحدود مع العراق. وتلقي سوريا باللائمة في أعمال العنف على جماعات مسلحة وعلى إسلاميين تدعمهم قوى أجنبية. ومنعت الحكومة السورية معظم صحفيي وسائل الإعلام العالمية من العمل في سوريا مما يجعل من الصعب التحقق من روايات النشطين والمسؤولين. وتقول جماعات حقوقية سورية إن 1300 مدني على الأقل قتلوا واعتقل عشرة آلاف منذ مارس. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أكثر من 300 جندي وشرطي قتلوا أيضا. ويقول نشطاء آخرون في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان إن عشرات من رجال الأمن قتلتهم القوات الموالية للأسد لرفضهم إطلاق الرصاص على المدنيين العزل. واستبعد الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف بشكل عملي دعم قرار للأمم المتحدة يدين الحملة التي تشنها سوريا على المحتجين المطالبين بالديمقراطية. وانتقد ميدفيديف في مقابلة نشرت في صحيفة "فاينانشيال تايمز"، اليوم، الطريقة التي فسرت بها الدول الغربية قرار الأممالمتحدة 1973 بشأن ليبيا والذي قال إنه تحول إلى "قصاصة ورق لتغطية عملية عسكرية عبثية". لا أحب استصدار قرار سوري بأسلوب مماثل.