استقطبت قرية الباحة التراثية بالجنادرية 28 العديد من الحرفيات من الأسر المنتجة، فعلى الرغم من تنوع الموضة النسائية وما وصلت إليه الصناعات بتعددها في العديد من المجالات إلا أن الإقبال كبير من قبل زوار القرية، فالتراث بها له عنوان، ويتجدد بدعم الحرفيات لمزاولة هذه المهنة على أرض الجنادرية ليحققن أهداف المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية 28. نقف اليوم أمام سيدات يجدن الاحترافية في مهن قلما تجدها بسبب اندثارها، والملفت للنظر أنهن يجدن الراحة التامة وهن يقمن بهذه المهن بل يجدن المساعدة من بناتهن اللاتي تعلمن منهن، ولكن بأفكار تطويرية التقينا بأم فارس الحرفية رفعة الغامدي التي لم تترك هوايتها بغزل وحياكة الصوف، وتعد هذه المشاركة الأولى بقرية الباحة التراثية التي سعدت بها، وتتمنى المشاركة في الأعوام القادمة لنقل هذه الحرفة للأجيال، حيث ذكرت أم فارس أنه سبق لها المشاركة في القصيم وسوق عكاظ بالطائف على مدار ثلاث سنوات، وكذلك أبها ووادي الدواسر، وفي هذا العام حظيت بالمشاركة بقرية الباحة التراثية، حيث خصص لها مكان لتمارس مهنة حياكة الصوف، حيث قامت بحياكة فساتين وجاليهات وسديري وبلايز وفساتين البنات وشالات والركوة والمدس والشنط والقبعات وغيرها من حياكة الصوف، مضيفة أن أسعارها تتراوح ما بين 10 إلى 200 ريال، حيث تستغرق في حياكة الصوف لصنع فستان صغير أو شال ثلاثة أيام وأن هناك أهازيج يرددها الحرفيات في هذا المجال تستحث من خلالها الهمم في غزل الصوف، وقد استطاعت في نقل هذه المهنة إلى بناتها، حيث يقمن بمساعدتها وطرح أفكار جديدة في الحياكة وبطرق احترافية، وأضافت أم فارس "أن هذه المهنة أجد ارتياحاً كبيراً فيها، وهناك إقبال من زوار قرية الباحة التراثية من عدة دول أجنبية وخليجية وعربية، إضافة إلى من يأتون داخل الوطن لشراء ما أنتجه"، وأكدت أن المرأة قديماً كانت وما زالت تسجل حضوراً كبيراً بعملها في الحرف اليدوية لتسهم من خلالها في توفير لقمة العيش، وهذا ما تشاهدونه في قرية الباحة التراثية والملفت للنظر أن زوار القرية من الدول الأجنبية يقفون مشدوهين أمام خيوط الصوف؛ لأن هذه الصناعة اندثرت عندهم تماماً وهذا ما يجعلنا نعتز ونفتخر بتراثنا وسننقله للأجيال بإذن الله.
وفي قرية الباحة التراثية تتعدد المهن النسائية، وحيث كان للحرفية حليمة لقاء معنا والتي تقوم بصناعة الخوص والتي تعتمد عليها، حيث ذكرت أن هذه الحرفة كانت منتشرة قديماً لكثافة زراعة النخيل وقل الإقبال على هذه الحرفة حالياً، ومع هذا أقوم بهذه المهنة، وأشجع أبنائي وبناتي على تعلم هذه المهنة، وأضافت أن صناعة الخوص تسمى "السعفيات"، ويمكن تسميتها باسم "صناعة النخيل" لارتباطها بالنخلة وقديماً تسمى صناعة الخوص باسم حرفة "الخواصة"، حيث يصنع منه السلال والحصير والمكانس والمصافي، كما أن نوع "الجريد" يصنع منه الأقفاص والكراسي.
كما كان للحرفية أم مرام والتي تجيد حياكة الملابس النسائية الشعبية، حيث أوضحت أن على الملابس الشعبية إقبال كبير، فهذا موسمها خاصة في مثل هذه المهرجانات، وذكرت أنها من أقدم المهن الحرفية بمنطقة الباحة، حيث تقوم بخياطة الثياب النسائية وتطريزها، وتتم عملية الحياكة والتطريز بالكامل يدوياً ويستغرق تطريز الثوب الواحد قرابة ثلاثة أسابيع من العمل لمدة 3 ساعات يومياً وهناك إقبال على شرائها من زوار القرية التراثية.
وكان للحرفية أم سعود حضور من خلال قرية الباحة التراثية فرائحة الخبزة المقناة تجذب الزوار وهي تقوم بإعدادها على أرض القرية، وتشهد طلباً كبيراً منهم، حيث ذكرت أن الخبزة تصنع من دقيق البر وتوضع على حجر غير سميك يأخذ الشكل الدائري ويسمى "الصلاة" وتوضع عليه العجينة وهو ساخن ثم يوضع بعد ذلك غطاء حديدي والنار تشتعل ويترك لمدة ساعة إلى ساعة ونصف بعد دفن الغطاء الحديدي بالرماد وبعد فتح الغطاء الحديدي وكشفه نجد الخبزة وقد مالت إلى اللون الأحمر، وبالتالي تكون جاهزة للأكل وهذه من الأكلات المفضلة في منطقة الباحة وما زالت موجودة في كل بيت بالمنطقة على الرغم من محاولات الجيل الحديث الاستغناء عنها بالكيك والفطائر بأنواعها إلا أن نكهة الخبزة المقناة تجعلهن يعودن لها ولتعلمها.