تتواصل لليوم الثاني على التوالي فعاليات المؤتمر السعودي الدولي للثقافة العلمية 2013م، الذي تنظمه مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، بالتزامن مع أسبوع العلوم والتقنية بمقر المدينةبالرياض وبرعاية إلكترونية من "سبق". وتطرَّقت الجلسة الأولى التي رأسها الدكتور مازن بليلة إلى التجارب الدولية في نشر الثقافة العلمية، حيث قدم آرتو صمويل موستاجوكي رئيس مركز الأبحاث الفنلندي ورقةً، تحدث من خلالها عن التجربة الفنلندية في هذا المجال، مبيناً أن الأبحاث العلمية ترتبط دائماً بالمجتمع من خلال عدة عوامل مختلفة، لذا لا ينحصر استخدام نتائجها على قطاع الأعمال فقط، بل يشمل المواطن.
وأكد "آرتو" من خلال ورقته العلمية على ضرورة الاستفادة من نتائج الأبحاث العلمية ونشرها للمجتمع، مشيراً إلى أن ذلك سوف ينعكس على الاقتصاد الوطني للبلد، كما سوف يساعد على بناء مجتمع فاعل قادر على تحقيق الازدهار والنجاح واتخاذ القرارات الحكيمة.
بدوره تطرق مدير تطوير المحتوى العربي في خانٍ أكاديميٍّ بالولايات المتحدةالأمريكية بلال مشرف عن تجربة الأكاديمية في نشر الثقافة العلمية من خلال ملفات الفيديو التي تضعها على الإنترنت، موضحاً تاريخ بداية الأكاديمية والأساليب التي تستخدمها في نشر المعرفة والثقافة العلمية.
وفي الجلسة الثانية التي رأسها الدكتور يحيى بن جنيد، وكانت بعنوان المحور الفكري، قدَّم الدكتور خضر الشيباني من جامعة الملك سعود ورقةً علميةً بعنوان: "شروط التأهيل لمجتمع المعرفة"، بيَّن من خلالها أن المعضلة الأساسية التي تواجه الدول النامية للتحول إلى مجتمع معرفي هي الحاجة للتأهيل المكثف، والشروط الصارمة التي ينبغي استيعابها في مختلف الأصعدة.
وأوضح الدكتور "الشيباني" أن هذه الشروط هي معرفية واجتماعية وثقافية ولغوية، ويجب دمجها مع مفهوم التنمية المستدامة؛ لتحقيق التحول إلى مجتمع المعرفة، مشيراً إلى ضرورة تأسيس ثقافة تنموية تهتمّ بتوفير "الفاعليّة الاجتماعيّة"، وتنْهل روافدها من معين "الثقافة العلميّة" ومُرْتكزاتها- كمّاً وكيفاً- لتكون الأداة الفعّالة لتجاوز "التّعامل السّطحيّ" مع "العلوم والتقنية"، ولتحقيق امتدادات "مُجْتمع المعْرفة" أفقياً ورأسياً.
من جانبه شارك الدكتور يحيى أبو الخير من جامعة الملك سعود بورقة علمية تحت عنوان: "فلسفة التفاعل بين العلوم الطبيعية والإنسانية: النظريات والنماذج"، ركَّز من خلالها على أهمية الدور الذي تلعبه المنهجية العلمية في بناء الجسور بين العلوم الطبيعية والإنسانية، وكيفية تعزيز فرص التفاعل بينهما.
واستعرض الدكتور "أبو الخير" عدداً من أنماط التفاعل بين العلوم الطبيعية والإنسانية، مشيراً إلى بعض القضايا التي تستدعي بناء جسور بين العلوم الطبيعية والإنسانية وتعزيز التفاعل بينهما؛ كقضايا الإسكان، والتصحر، والتلوث البيئي، والأمن المائي، والسلام العالمي، وغيرها من القضايا.
وتحت عنوان: "دور اللغة العربية في نشر الثقافة العلمية والتقنية" تحدث الدكتور أحمد فؤاد باشا من جامعة القاهرة عن دور اللغة العربية في نشر الثقافة العلمية والتقنية، موضحاً دور اللغة العربية في نشر الثقافة العلمية منذ العصر الذهبي للحضارة العربية الإسلامية، وأهمية المخطوطات العلمية التي تشرح انتشار النظم التعليمية.
وفي الجلسة الثالثة التي كانت بعنوان: "المحور الاجتماعي" ورئاسة الدكتور عبدالله الفوزان، قدَّم الدكتور جاسم بشارة مدير إدارة الثقافة والنشر العلمي بالكويت ورقةً علميةً بعنوان: "تجربة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي في نشر الثقافة العلمية"، استعرض من خلالها بعض الأعمال التي تقوم بها المؤسسة في هذا المجال؛ كدعم الأبحاث العلمية، والموهوبين، والمخترعين، وإصدار الكتب العلمية المحكمة والمجلات العلمية، ونشر نتائج الدراسات العلمية التي تجرى بالكويت، فضلاً عن دور المؤسسة في نشر المعرفة والثقافة العلمية على المستوى المحلي والعالمي.
تلاه الشيخ عبدالرحمن الجريسي رئيس مجلس إدارة شركة مجموعة الجريسي بورقة عن المسؤولية الاجتماعية، تحدث من خلالها عن أداء المسؤولية الاجتماعية بالمنشآت على مستوى الدول العربية، مبيناً أن دورها ما يزال ينحصر في تقديم التبرعات المالية والعينية، دون الدخول في مشروعات تحقق التنمية المستدامة، وتتصدى بفاعلية للقضايا الحيوية مثل البطالة والحفاظ على البيئة ونشر الثقافة العلمية.
وذكر "الجريسي" أن الدراسات التي أجريت مؤخراً بالمملكة العربية السعودية وبعض الدول العربية، أوضحت أن أهم الأسباب التي أدَّت إلى ضعف توجه المنشآت لأداء المسؤولية الاجتماعية بالشكل الصحيح، هو ضعف ثقافة المسؤولية الاجتماعية وعدم وضوح مفهومها، مشيراً إلى ضرورة التعريف بثقافة المسؤولية الاجتماعية والأولويات التي يجب البدء بها؛ لتأخذ مسارها الصحيح.
وبدوره شارك الشيخ إبراهيم أفندي بورقة بعنوان: "الثقافة العلمية والمسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص في توجيه الثقافة العلمية"، قدمها نيابة عنه الدكتور محمد عبدالرحيم ميمني، استعرض من خلالها عدداً من الأفكار حول المناخ المناسب للثقافة العلمية، مشيراً إلى أن المجتمعات العربية تعاني من التقصير الواضح في هذا المجال.
وأضاف أن توفير البيئة المناسبة للثقافة العلمية يحتاج إلى شراكة إستراتيجية بين عدد من الجهات، وعلى رأسها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ووزارة التعليم ورعاية الشباب والإعلام، مؤكداً دعمه لدراسة تهدف لتأسيس ونشر الثقافة العملية للشرائح العمرية؛ 12 سنة وما فوق، من خلال الوسائط المتقدمة والمحمولة، على أن تكون الخطوات الأولى هي المادة المصورة المسوقة في جميع مناحي العلوم العصرية.
من جهة أخرى استمتع الطلاب بالمعلومات العلمية المبسطة في مفاهيمها التي يقدمها أكثر من 30 جناحاً في معرض أسبوع العلوم والتقنية المصاحب للمؤتمر، والذي يستمر إلى يوم الجمعة القادم، حيث تميَّز الأسبوع بالمعروضات والمنتجات البحثية التي عكست المستوى العلمي المتطور للكفاءات العلمية الشابة، بالإضافة إلى صناعة بيئة علمية حقيقية قادرة على صياغة عقلية المجتمع، بالشكل الذي يجعله يدرك دور التقنيات الحديثة في حل مشكلاته، وأهميتها في تقدم الشعوب.
يذكر أن يوم غدٍ سوف يتخلله جلسة خاصة بالإعلام العلمي تناقش دور الصحافة السعودية في نشر الثقافة العلمية والفضائيات العربية، فضلاً عن كيفية التحرير العلمي للأخبار، كما سيتم بعد غدٍ الثلاثاء تدشين النسخة العربية لمجلة نيتشر العالمية، وهو أول عدد باللغة العربية بعد 144 عاماً من صدورها.