كشفت دراسة علمية حديثة عن ازدياد ظاهرة التسول في المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأخيرة، مرجعة ذلك إلى تزايد أعداد المتسللين عبر الحدود، والتخلف بعد أداء الحج والعمرة، محذرة في الوقت نفسه من آثارها السلبية على النواحي الاجتماعية والاقتصادية والأمنية. وأوضحت الدراسة التي دعمتها "مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية" بنحو 350 ألف ريال أن معظم المتسولين من الجنسية اليمنية، تليهم المصرية، ثم الجنسيات الأخرى، وأغلبهم من الأميين ذوي الدخول المنخفضة. وحول مناطق تواجدهم، أشارت الدراسة التي أجراها فريق بحثي من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد برئاسة الدكتور مساعد الحديثي إلى أن أكثر المتسولين تم القبض عليهم في جدة، ثم مكةالمكرمة، ثم الرياض، وأن معظم المقبوض عليهم من غير السعوديين الذين يتسولون في الأسواق والمساجد وعند الإشارات المرورية. واتضح لدى فريق البحث أن الأسباب الرئيسة للتسول تتمحور حول العوز الشديد، والبطالة، والظروف الأسرية، وتعاطف أفراد المجتمع مع حالة المتسول، وعدم وجود رادع قوي يمنع من التسول، إضافة إلى ضعف إمكانات حملات مكافحة التسول، وكثرة المتخلفين من العمالة الوافدة، ووجود عصابات تشرف على التسول. وبينت الدراسة أن أعمار معظم المتسولين المقبوض عليهم تتراوح بين (16و25) سنة، تليهم الفئة العمرية (46) عاماً فأكثر، وغالبيتهم من الذكور والأميين وذوي الدخول المنخفضة، فضلاً عن أن شريحة كبيرة منهم من المتزوجين، والعاطلين عن العمل، والذين يعولون أعداداً كبيرة من الأفراد، يتبعون عدداً من الطرق المختلفة للتسول منها استغلال الأطفال في هذه العملية، والخداع والتمثيل، وادعاء العاهات والتخلف العقلي، وعرض الصكوك والوثائق. وحددت الدراسة عدداً من الآثار الاجتماعية والاقتصادية والأمنية للتسول، منها انتشار النصب والاحتيال والسرقات، وتزوير المستندات، وانحراف صغار السن، وتشجيع بعض الأسر أفرادها على التسول، وانتشار ترويج المخدرات، مع ارتفاع معدلات الجرائم الأخلاقية، وبالتالي إشغال الأجهزة الأمنية، وكذلك بروز ظاهرة خطف الأطفال. وكذلك انتشار ظاهرة استئجار المنازل المهجورة في الأحياء القديمة التي لا يعرف عمداء الأحياء أصحابها لارتكاب الجرائم الأخلاقية، وكثرة الزواج غير الشرعي أو العرفي بدون أوراق رسمية وبالتالي إنجاب أطفال غير شرعيين، ومن الآثار الاقتصادية تهريب الأموال للخارج، وتعطيل حركة الإنتاج، تسهيل غسيل الأموال. وأوصى الفريق البحثي بضرورة دعم الجهات ذات العلاقة بمكافحة التسول بالأفراد وتنسيق جهودها، فضلاً عن أهمية ضبط حدود المملكة لمنع التسلل، وكذلك وضع الضوابط والإجراءات النظامية لمنع التخلف بعد الحج والعمرة، مع تنظيم حملة إعلامية لتوعية المجتمع بخطورة التسول على المجتمع والتعريف بآثاره الخطيرة في الجوانب الاجتماعية والأمنية والاقتصادية، كما أوصى الفريق بوضع جزاءات رادعة تحد من ظاهرة التسول مثل الغرامات المالية والسجن، مع إجراء المزيد من الدّراسات العلمية حول الأُسر السعودية التي لا يكفيها الضمان الاجتماعي، الأمر الذي اضطر هذه الفئة إلى التسول من الناس. ومن التوصيات أيضاً أهمية تنبيه أئمة المساجد لمنع هذه الظاهرة وبيان خطورتها على المجتمع، وضرورة تطبيق نظام البصمة على غير السعوديين المُرحلين لبلدانهم بسبب التسول وعدم إدخالهم للمملكة لمدة خمس سنوات، وكذلك تنظيم عملية جمع الزكاة والصدقات وأن تكون من خلال الجهات الخيرية.