كشفت دراسة علمية حديثة أن ظاهرة التسول في السعودية تشهد زيادة مستمرة وارتفاعا مطردا خلال السنوات الأخيرة، مرجعة الأسباب الرئيسية في بروز الظاهرة إلى تزايد المتسللين عبر الحدود، والتخلف بعد أداء الحج والعمرة، محذرة في الوقت نفسه من آثاره السلبية في النواحي الاجتماعية والاقتصادية والأمنية. وحول جنسيات المتسولين أوضحت الدراسة التي دعمتها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أن معظم المتسولين من الجنسية اليمنية، تليهم الجنسية المصرية، ثم الجنسيات الأخرى، أغلبهم من الأميين ذوي الدخول المنخفضة، كما كشفت الدراسة وجود مجموعة من السعوديين يتسولون لعدم قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الضرورية، بعضهم مسجلون في الضمان الاجتماعي. وحول مناطق تواجدهم أشارت الدراسة التي أجراها فريق بحثي من وزارة الشؤون الإسلامية إلى أن أكثر المتسولين تم القبض عليهم في محافظة جدة، تلاهم المقبوض عليهم في مكةالمكرمة، ثم الرياض، وأن معظم المقبوض عليهم من غير السعوديين الذين يتسولون في الأسواق والمساجد والإشارات المرورية. واتضح لدى فريق البحث أن الأسباب الرئيسة للتسول تتمحور حول العوز الشديد والبطالة والظروف الأسرية وتعاطف أفراد المجتمع مع حالة المتسول وعدم وجود رادع قوي يمنع من التسول، إضافة إلى ضعف إمكانات حملات مكافحة التسول وكثرة المتخلفين من العمالة الوافدة ووجود عصابات تشرف على التسول. وبينت الدراسة أن أعمار معظم المتسولين المقبوض عليهم تتراوح بين 16و 25 سنة، ويليهم الفئة العمرية (46 عاما) فأكثر، غالبيتهم من الذكور والأميين وذوي الدخول المنخفضة، فضلا عن أن شريحة كبيرة منهم من المتزوجين، والعاطلين عن العمل، والذين يعولون أعدادا كبيرة من الأفراد، يتبعون عددا من الطرق المختلفة للتسول منها استغلال الأطفال في هذه العملية، والخداع والتمثيل، وادعاء العاهات والتخلف العقلي، وعرض الصكوك والوثائق. وحددت الدراسة عددا من الآثار الاجتماعية والاقتصادية والأمنية للتسول منها انتشار النصب والاحتيال والسرقات، وتزوير المستندات، وانحراف صغار السن، وتشجيع بعض الأسر لأفرادها على التسول، وانتشار وترويج المخدرات، مع ارتفاع معدلات الجرائم الأخلاقية، وبالتالي إشغال الأجهزة الأمنية، وكذلك بروز ظاهرة خطف الأطفال. ومن الآثار أيضا انتشار ظاهرة استئجار المنازل المهجورة في الأحياء القديمة والتي لا يعرف عمداء الأحياء أصحابها لارتكاب الجرائم الأخلاقية، وكثرة الزواج غير الشرعي وتهريب الأموال للخارج، وتعطيل حركة الإنتاج، تسهيل غسيل الأموال. وأوصى الفريق البحثي بضرورة دعم مكافحة التسول وضبط الحدود لمنع التسلل، ووضع الضوابط والإجراءات النظامية لمنع التخلف بعد الحج والعمرة مع تنظيم حملة إعلامية للتوعية بخطورة التسول ووضع جزاءات رادعة تحد منه مثل الغرامات المالية والسجن، مع إجراء المزيد من الدّراسات العلمية حول الأُسر السعودية التي لا يكفيها الضمان الاجتماعي.