أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطاب التنصيب لولايته الثانية عن قرب انتهاء عقد من الحروب وبدء الانتعاش الاقتصادي، مشدداً على ضرورة وحدة الأمريكيين في المرحلة المقبلة، وسط استمرار الخلافات في واشنطن حول كيفية تقليص عجز الموازنة. وقال أوباما في الخطاب الذي ألقاه أمام باحة مبنى الكابيتول التي غصت بحوالي مليون شخص، إن "عقداً من الحروب على وشك الانتهاء، والانتعاش الاقتصادي بدأ".
وأضاف أن "الأمن الصلب والسلام الدائمين لا يتطلبان حرباً مستمرة"، غير أنه أكد أن الولاياتالمتحدة ستبقى متيقظة أمام من يتربصون بها.
وقال: "سوف ندافع عن شعبنا ونحافظ على قيمنا عبر قوة السلاح وحكم القانون. وسنظهر الشجاعة لحل خلافاتنا مع الدول الأخرى بشكل سلمي ليس لأننا سذّج حيال الأخطار التي تواجهنا، بل لأن التواصل يمكن أن يزيل الشك والخوف لفترة أطول".
وأكد أن الولاياتالمتحدة "سوف تدعم الديمقراطية من آسيا إلى إفريقيا ومن الأمريكتين إلى الشرق الأوسط".
وأضاف "أيها الأمريكيون، نحن خلقنا من أجل هذه اللحظة، وسنستغلها وسنستغلها معاً"، مضيفاً: "علينا الآن أكثر من أي وقت مضى أن نقوم بهذه الأمور معاً كأمة واحدة، كشعب واحد".
وقال إن الشعب الأمريكي يفهم أن بلدنا لا يمكن أن ينجح حين تعيش قلّة في نعيم بينما الأغلبية بالكاد تنجح في تدبير أمورها، مؤكداً أن الولاياتالمتحدة تستمد ازدهارها من ازدهار الطبقة الوسطى. ودعا إلى "اتخاذ الخيارات الصعبة لتقليص كلفة الرعاية الصحية وحجم العجز".
وشدد على أن الولاياتالمتحدة ستقاوم التغيير المناخي، "لأن الفشل في ذلك سيعتبر غدراً لأطفالنا والأجيال القادمة".
إلاّ أن أوباما أقر بأن "الطريق إلى مصادر الطاقة المستدامة سيكون طويلاً وصعباً أحياناً"، مضيفاً "لا يمكن أن تقاوم أمريكا هذه العملية الانتقالية، بل عليها أن تقودها. ولا يمكننا أن نتخلى للدول الأخرى عن التكنولوجيا التي ستخلق وظائف ومصانع جديدة".
كما شدد الرئيس الأمريكي على ضرورة إيجاد "طرق أفضل للترحيب بالمهاجرين المكافحين والمتأملين والذين لا يزالون يعتبرون أميركا أرض الفرص"، وعلى ضرورة حماية الأطفال من الأذى، في إشارة ضمنية إلى إطلاق النار الذي وقع في مدرسة ابتدائية في ولاية كونكتيكت وذهب ضحيتها 27 شخصاً بينهم 20 طفلاً.
وأدت بعد ذلك المغنية كيلي كلاركسون أول فائزة في برنامج المواهب "أميركان آيدول" أغنية وطنية بعنوان "أميركا" وتبعها الشاعر ريتشارد بلانكو الذي ألقى قصيدة قبل أن تنشد النجمة بيونسيه النشيد الوطني الأمريكي.
وأدّى الرئيس الأمريكي ونائبه جون بايدن، في وقت سابق اليمين الدستورية لولايتهما الثانية خلال مراسم التنصيب الرسمية التي انطلقت في الباحة الكبرى أمام مبنى "الكابيتول" مقر الكونغرس الأميركي بحضور آلاف الأشخاص.
وافتتح مراسم التنصيب الرسمية السيناتور الديمقراطي عن نيويورك تشاك سكامر، بعد عزف لفرقة الموسيقى البحرية الأميركية.
ووصلت الشخصيات المدعوة التي ضمت أعضاء الكونجرس والحكومة وقضاة المحكمة العليا ورئاسة الأركان العسكرية وحكام الولايات، وأعضاء السلك الدبلوماسي والرئيسان السابقان جيمي كارتر وبيل كلينتون.
وملأ المشاركون الذين تجاوزوا المليون شخص، منصة خشبية كبيرة مخصّصة لجلوس 1600 مدعو أقيمت في باحة الكابيتول، بالإضافة إلى منتزه "ناشونال مول" غرب الكابيتول الممتد على مسافة كيلومترين.
وتلت صلاة الابتهال، الناشطة في مجال الحقوق المدنية ميرلي إيفرز ويليامز، وهي أرملة مناصر الحقوق المدنية الأميركي من أصول إفريقية ميدغار إيفرز الذي اغتيل عام 1963، حيث وقف أوباما والمشاركون خاشعين لدى تلاوة الصلاة. وبعد ذلك أنشد كورال بروكلين تابيرناكل "ترتيلة معركة الجمهورية".
وأدّى بايدن محاطاً بعائلته، اليمين الدستورية أمام قاضي المحكمة العليا، سونيا سوتوماير، التي أصبحت أول سيدة من أصول لاتينية ورابع امرأة تدير مراسم أداء قسم دستورية لمنصبي الرئيس أو نائبه،وتلا ذلك نشيد "أمريكا الجميلة" الذي أدّاه المغني جيمس تايلور.
وأدّى أوباما بعد ذلك اليمين أمام رئيس المحكمة العليا، جون روبرتس، وبعدها أطلقت المدفعية 21 طلقة في الهواء تحيّة للرئيس الجديد.
وكان كل من أوباما وبايدن أديا اليمين الدستورية في حفلين محدودين أمس الأحد الأول في البيت الأبيض والثاني في مقرّ إقامة نائب الرئيس، وذلك نظراً إلى أن الدستور الأمريكي ينص على أن يتولى رئيس الولاياتالمتحدة ولايته ظهر يوم 20 يناير، الذي يلي الانتخابات الرئاسية، والذي صادف الأحد هذه المرة.
وسبق للرئيس أوباما، وهو الرئيس رقم 44 للولايات المتحدة، أن قام بأداء اليمين الدستورية مرتين في بداية فترته الرئاسية الأولى، في 20 يناير 2009، بعدما اضطر البيت الأبيض إلى إعادة مراسم القسم، بسبب حدوث خطأ في المرة الأولى.
وبذلك أصبح أوباما أول رئيس أمريكي يؤدي اليمين الدستورية أربع مرات، منذ الرئيس فرانكلين روزفلت، الذي انتخب رئيساً للولايات المتحدة أربع مرات متتالية، منذ عام 1933 حتى وفاته عام 1945، في السنة الأولى من ولايته الرابعة.