تسببت العاصفة القوية التي تضرب العالم العربي منذ أربعة أيام بمقتل عشرة أشخاص وفقدان 11 آخرين على الأقل، ما يجعل من ظروف حياة اللاجئين السوريين أكثر صعوبة لا سيما في لبنان. وفي الضفة الغربية عثر على جثتي فتاتين فلسطينيتين اليوم الأربعاء بعد أن جرفت مياه الفيضانات السيارة العمومية التي كانتا تستقلانها فيما تضرب العاصفة القوية منذ الأحد الماضي الأراضي الفلسطينية.
وقالت مصادر فلسطينية إنه عثر في مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية على جثتي الفتاتين الفلسطينيتين في سيارة عمومية بعد فقدان أثريهما مساء أمس الثلاثاء، كما أفادت مصادر فلسطينية.
وأضافت المصادر أنه تم إنقاذ السائق مساء أمس الثلاثاء، ووصفت حالته بالحرجة ونقل إلى المستشفى للعلاج.
وذكر تقرير للعلاقات العامة والإعلام في الدفاع المدني الفلسطيني "أن طواقم الإطفاء والإنقاذ تمكنوا من إنقاذ نحو 530 شخصاً في محافظة سلفيت شمال الضفة الغربية".
كما تعاملوا مع أكثر من مئة حادث بين إنقاذ مركبات عالقة وتصريف المياه من بيوت غمرتها المياه وبين حوادث وسقوط الأشجار وأعمدة الكهرباء على الطرقات وشفط المياه في الشوارع في كافة أنحاء الضفة الغربية.
وبدأت الثلوج بالتساقط على مدينة رام الله صباح اليوم الأربعاء وتساقط الثلج الخفيف على مدينة القدسالمحتلة في الليل، فيما من المتوقع أن يستمر تساقط الثلوج حتى غد الخميس.
وأصدرت بلدية القدس الإسرائيلية بياناً طالبت فيه بالتنقل عبر وسائل المواصلات العامة خصوصاً بعد الظهر وذلك "لإتاحة الفرصة أمام طواقم الطوارئ بالعمل دون تأخير".
وقامت مروحيات عسكرية إسرائيلية بإنقاذ أشخاص من على أسطح منازل وسيارات وتم إخلاء نحو 300 عائلة في منطقة بات هيفير شمال تل أبيب من منازلها بعد أن فاض نهر قريب.
وقالت دائرة الأرصاد الجوية إن الأمطار المتساقطة ستكون الأكثر غزارة التي تسجل منذ نحو عشر سنوات.
وفي لبنان، تساقطت زخات من البرد صباح اليوم في بيروت، مع استمرار هطول الأمطار وانخفاض درجات الحرارة إلى ما دون معدلاتها في هذا الوقت من السنة.
وفي بلدة تعلبايا في البقاع (شرق)، أفاد مراسل فرانس برس عن العثور صباح اليوم الأربعاء على جثة لبناني في الثلاثينات من العمر، توفي جراء البرد بعدما كان يشرب الكحول في سيارته.
وأفاد مصدر في مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت الدولي فرانس برس أن لبنان "لا يزال تحت تأثير العاصفة التي ستصبح اليوم متقطعة لا سيما في المناطق الساحلية، لكن تساقط الثلوج يستمر ويتوقع أن يصل إلى 300 متر مساء اليوم، ويطاول ارتفاعات أقل في شمال البلاد ليلاً".
وأوضح أن "العاصفة مستمرة حتى مساء الخميس، ويبدأ بعد ذلك تكون الجليد على الطرق الجبلية".
وأشار إلى أن "العاصفة كانت استثنائية من حيث كمية الأمطار التي هطلت بين السبت والأربعاء، وتعد هائلة نسبياً في هذه المدة القصيرة، ولا تتكرر إلا كل بضع سنوات".
وما زالت المدارس مقفلة لليوم الثاني على التوالي في كل المناطق اللبنانية، بينما أدت كثافة تساقط الثلوج إلى قطع العديد من الطرق الجبلية وفيضانات في الأنهار التي دخلت مياهها المنازل.
وبذلك ترتفع حصيلة القتلى من جراء العاصفة إلى عشرة منذ بدئها. ففي إسرائيل، لقي ثلاثة أشخاص حتفهم الثلاثاء عندما انقلبت سيارتهم بفعل الرياح كما قتل شخص عندما جرفت المياه سيارته في بلدة عتيل شمال طولكرم.
وفي لبنان قضى شخصان، الاثنين، في حوادث سير جراء رداءة الطقس وقتل طفل يبلغ من العمر ستة أشهر بعد أن جرفته السيول نحو البحر في وسط البلاد.
وهذه الظروف المناخية تصعب من ظروف حياة اللاجئين السوريين.
وقالت سيسيل فاردو، مسؤولة العلاقات الخارجية في مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان: إن المفوضية استنفرت منذ الأحد للاستجابة لكل الحالات الطارئة.
وأضافت: "مع هذا الطقس العاصف، باتت الملاجئ مهددة ومع تساقط الثلوج في البقاع (شرق) باتت الناس في حاجة ماسة إلى المساعدة"، مشيرة إلى "أننا نقوم اليوم بنقل العائلات التي دخلت المياه إلى أماكن إقامتها في الشمال".
وتقيم النسبة الكبرى من النازحين السوريين إلى لبنان في الشمال والبقاع، وغالبيتهم لدى عائلات أو في منازل أقارب لهم، بينما يقيم ما بين ستة وسبعة آلاف منهم في خيام.
وأضافت "نتلقى يومياً اتصالات من شركائنا على الأرض، إضافة إلى التنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية والبلديات"، متوقعة أن "تزداد الأمور سوءاً. ما زلنا في بداية الشتاء".
وفي سوريا، عرض التلفزيون الرسمي صوراً مباشرة لتساقط الثلوج على دمشق، بدا فيها أيضاً جبل "قاسيون" الذي يشرف على العاصمة، وهو مغطى بالثلج في شكل كامل.
وعرض ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً من مدينة حمص وسط سوريا، وهي مغطاة بالثلج. وظهر في إحداها مسجد مغطى كلياً بالثلج، بينما تظهر أخرى سكاناً يسيرون تحت الثلج المتساقط.
ووسط النزاع المستمر منذ 21 شهراً، تعاني مناطق واسعة في سوريا من نقص في مادة المازوت، تزامناً مع حرمان السكان الذين يواجهون برداً قارساً، من التيار الكهربائي يومياً.
وفي الأردن، حذرت مديرية الأمن العام الأردني المواطنين الأربعاء من الخروج من منازلهم "إلا في حالات الضرورة القصوى" نتيجة تساقط الثلوج والأمطار الغزيرة في معظم مناطق المملكة، وتوقع اشتداد تأثير منخفض جوي قطبي.
وأصدرت مديرية الأمن العام بياناً قالت فيه إن "معظم محافظات المملكة تشهد الآن تساقطاً للثلوج والأمطار وبدرجات متفاوتة.. وطرق العاصمة سالكة بحذر نتيجة لتساقط الثلوج".
وأشارت إلى تراكم الثلوج في كل من جرش وعجلون (شمال) والبلقاء (شمال-غرب) والكرك والطفيلة ومعان (جنوب).
من جهتها، قالت أمانة عمان الكبرى إن 73 آلية تعمل منذ صباح الأربعاء "على فتح شوارع العاصمة الرئيسية والفرعية".
وقالت مديرية دفاع مدني محافظة الزرقاء (شمال-شرق) إنها أخلت حتى صباح اليوم "126 مواطناً حاصرتهم المياه الغزيرة" كما أخلى دفاع مدني الكرك (جنوب) مواطنين حوصروا في المحافظة "بسبب إغلاق بعض الطرق نتيجة تراكم الثلوج وارتفاع منسوب المياه".
وكانت الحكومة الأردنية أعلنت تعطيل كافة المؤسسات الحكومية والعامة الأربعاء "بسبب الظروف الجوية السائدة".
وتشهد معظم مناطق المملكة الأردنية منذ نحو ثلاثة أيام تساقطاً غزيراً للمطر فيما تساقطت الثلوج الليلة الماضية، ومن المتوقع أن يشتد تساقط الثلوج مساء الأربعاء مع تعمق تأثير منخفض جوي قطبي ودرجات حرارة تقترب من الصفر المئوي.