كان الحاضرون بديوانية الشيخ "إبراهيم حسن الذروي" ليلة البارحة على موعد مع قامة شعرية وإنسانية فريدة، حيث استضافت الديوانية الشاعر الإنسان الأستاذ إبراهيم بن عبد الله مفتاح في ليلة مميزة بشهادة كل الحضور، حيث تجلى فيها "مفتاح" الشاعر، و"مفتاح" الإنسان، سافر بالحاضرين عبر ذكرياته إلى عوالم جميلة وذكريات تبكي تارة وتضحك تارة أخرى، كان يموسق بين كل صورة وأخرى بقصيدة لا يجد السامعون معها، إلا التصفيق والتهليل لإبداع لم يستغربه أحد. قدم الأمسية الأستاذ عبده سيد، وأدراها باحتراف الدكتور الشاعر حسن بن حجاب الحازمي الذي استطاع أن يستخرج مكنونات ضيف الديوانية بطريقة احترافية أمتعت الحضور. جاء الأستاذ إبراهيم مفتاح من فرسان يحمل في حقيبته الشعر والذكريات الجميلة، وكثيراً من أوجاع قال عنها إنها تحطم أحلاماً كنا نحلمها لجازان وفرسان. شدا طوال ساعتين شعراً ونثراً، حيث سرد ذكرياته في فرسان مع البحر والناس واللؤلؤ والعنبر والحريد وقامات النخيل السامقة حين تساقط على أقدامهم صغاراً رطباً جنياً. تحدث كثيراً في ليلته متجلياً عن تاريخ فرسان وذكريات الصبا، وعن جازان وبواكير الخروج من جزائر اللؤلؤ ثم عن بيش وأربع سنوات ملك خلالها قلوب الناس صغاراً وكباراً، وصف بدقة متناهية تفاصيل السفر، والطين والأشجار، وابتسامات الصحاب، استعرض تاريخ صداقاته بالأسماء والأماكن، والتواريخ بصورة أذهلت السامعين . بات الأستاذ "إبراهيم مفتاح" يقلب السامعين على جمر الأسى تارة، وبين قهقهات عالية تارة أخرى بأسلوب الأدباء الماهرين، وكأنك تقرأ سفراً أدبياً عكف عليه كاتبه سنين. باح "مفتاح" عبر "ديوانية الذروي" بألم يعتصره لمسيرة مهرجان شغل الناس كثيراً واستهوى الكثير من جازان وخارجها "مهرجان الحريد" قال وغصة تعصره إن أيادي تسعى لإعلان موت هذا المهرجان الكبير، ولا أحد يعمل على مده بالحياة، عقبات تلو أخرى توهن العزم وقد يؤول إلى نهاية محزنة، مطالباً الجهات ذات العلاقة بتفهم طبيعة المهرجان، والعمل على تطويره ومد يد العون الحقيقية له، والنزول من الأبراج العاجية التي يسكنها كثير من المسؤولين في جازان . كان ل"فرسان" الحظ الأوفر من الحديث في الديوانية، دعا خلاله الباحثين والمهتمين إلى ضرورة الاهتمام بدراسة فرسان تاريخاً وأدباً وفناً وإنساناً وحياة فطرية. وأسف "مفتاح" خلال حديثه على تفريط الجهات العلمية وإحجامها عن اكتشاف فرسان وعجب لاهتمام الباحثين من خارج الوطن، وذكر أمثلة لزيارات باحثين وباحثات من أوروبا اكتشفوا خلال جولاتهم كنوزاً كان الأحق بها أبناء هذا الوطن . وعرض الأستاذ نايف كريري المشرف على ملحق الأربعاء بجريدة المدينة في مداخلة، فكرة أن يتقدم المسؤولون بطلب ضم فرسان إلى الجهات المعنية لضمها إلى قائمة مواقع التراث العالمي وهي معالم تقوم لجنة التراث العالمي في اليونيسكو بترشيحها ليتم إدراجها ضمن برنامج مواقع التراث الدولية التي تديره اليونيسكو، كون فرسان متحفاً طبيعياً وتاريخياً مفتوحاً. وبدوره رحب الأستاذ إبراهيم بالفكرة، مؤكداً على أهمية التفات الباحثين المحليين إلى فرسان ومن ثم الخروج بها إلى العالم أجمع . وفي ختام الأمسية "الفريدة" التي ختمها الأستاذ عبده سيد بقصيدة شعرية لم تكن أقل روعة من الضيف وقف في ختامها الحضور محيين له ولضيف الأمسية، ثم قدم الأستاذ إبراهيم الذروي درع الديوانية التذكارية لضيفها، ثم التقطت الصور التذكارية .