الوزير هو جزء من الجهاز التنفيذي الأعلى للدولة، وأنه بهذه المثابة مجرد طارئ.. على الجهاز الإداري في الوزارة. وأن مسؤوليته إنما تنحصر في متابعة تنفيذ السياسات التي يجيزها ويقرها مجلس الوزراء للوزارة التي يتولى مسؤوليتها، ولهذا فإن مجيئه وذهابه على الأقل بالنسبة للوزارة يجب أن لا يعني شيئا كبيرا. وهذا لسببين: أولهما: أن السياسات والأهداف الخاصة بالوزارة لا ترتبط به شخصيا. وثانيا: أن آليات تنفيذ هذه السياسات تخضع لنظم لا ترتبط بالأشخاص، إن كان الوزير أو غيره، لأنها معدة ومصممة سلفا قبل مجيء الوزير، وستظل هذه النظم قائمة بعد ذهابه. وهذا يعني في النهاية، أن مهمته إشرافية بحتة، وكأنه مندوب لمجلس الوزراء الذي حدد الأهداف وأقر وأجاز الخطط لكل الوزارات بمختلف قطاعاتها ومؤسساتها، ولهذا فإن مجيئه أو ذهابه عن الوزارة يجب أن لا يتعدى هذه الحدود القاعدة الصحيحة ، هي أن يأتي الوزير ويذهب دون أن تتعرض أجهزة الوزارة إلى الزعزعة والاضطرابات التي تعصف باستقرارها .. الأمر الذي يفقد الخدمة المدنية عناصر لها علم وخبرة بالعمل، لتحل محلها عناصر يتميز أفرادها بقلة الخبرة، وأن همهم الأول هو إظهار الولاء المطلق للمسؤول، ولو على حساب العمل .. عناصر تجهل العمل، وتفتقر إلى الخبرة، ولا تملك سوى رضا المسؤول عنها لا أكثر ولا أقل. ولعلنا لاحظنا جميعا كيف أن مجرد خبر تغيير وزير ما في وزارة معينة يخلف حالة من التوتر والقلق والترقب بين أفراد الوزارة ومنسوبيها، خاصة في صفوف فريق إدارتها العليا كالوكيل ومساعديه ومديري الإدارات، حيث تكثر التكهنات عن الوزير الجديد المقترح، ومن سيكونون على رأس من سيستغنى عنه. وعليه فإن تحديد علاقة الوزير بهياكل الوزارة الوظيفية يجب أن تخضع للدراسة، حتى نضمن استقرار أجهزة الخدمة المدنية، وعدم تعرضها للاهتزازات التي تفقدها عناصر الخبرة والعلم .. وهذه القاعدة تعمل بها كل الدول، وهي قاعدة راسخة في الدول المتقدمة حيث لا يتأثّر جهاز الخدمة المدنية بالتغيرات التي تحدث مع تغير الوزراء.. www.binsabaan.com