انتقلت سوق ترويج الإشاعات من الأسهم إلى التشكيل الوزاري المتوقع، حين تكاثرت التوقعات والتكهنات والترجيحات في المجالس الخاصة وتطايرت عبر الرسالات الإلكترونية، ولا أدري هل مرد ذلك إلى كثرة انشغالنا بالقضايا العامة، أم أنه من باب (اللقافة) ودس الأنف فيما يعنينا وما لا يعنينا، أم هو نوع من التسلية التي تجوز فيها الممازحة؟ أيا كانت الدوافع، إلا أنني لا أجد سببا واحدا لأن يتخذ موضوع التشكيل الوزاري الجديد المتوقع هذا المنحى من الاشتغال. وإذن فليس الاهتمام في حد ذاته هو المرفوض واللامفهوم، فالتغيير الوزاري أو ما يقاربه من المناصب يستأثر باهتمام الناس عادة؛ لأنه يمس حياتهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، باعتبار أن شاغلي هذه المناصب هم من سيتولون مسؤولية إدارة دفة شؤوننا في مختلف القطاعات. إلا أن ما يثير الدهشة، هو طريقة التعاطي مع الموضوع؛ إذ إنه يصبح مجالا للتكهنات التي تفتقر إلى الموضوعية في الترشيح الترشيح للمغادرة أو التوزير والاعتماد في التقييم على الانطباعات الذاتية أو المعرفة الشخصية، وكلاهما ميزان فاسد، أو مطعون فيه عند التقييم. هذا المنصب يعتبر من أثقل المناصب تكليفا لمن يفهم الأمور على النحو الصحيح، وبالتالي فإنه ليس بأسعد المناسبات التي يحتفي بها الشخص ويحتفل. هذا المنصب يعني أن ولاة الأمر وقع اختيارهم عليك دون سائر أبناء الوطن للنهوض بمهام قطاع مركزي في الحكومة وتسييره على أفضل وجه لتحقيق أهداف الوطن والمواطنين. هذا يعني أنهم يضيفون إلى مشكلاتك ومشاغلك الخاصة، مشكلات ومشاغل وطنية أكبر، ويضعون على كتفيك أحمالا وأثقالا إضافية، وكان القدماء من السلف الصالح من أمتنا يتهربون من مثل هذه المسؤوليات والأحمال؛ لأنهم يعرفون أنها أمانة ثقيلة، يمكن أن تورد حاملها مهالك جهنم، إذا لم يؤدها على الوجه المطلوب ولم يوفها حقها أو أهمل فيها أو أساء استخدام سلطاتها ونفوذها. وإذا كان فيها ما يسعد لمن يملك الرغبة والقدرة فهو هذه الثقة الغالية من ولي الأمر في كفاءة وقدرات الشخص المختار، كفاءته وقدراته العلمية والعملية والأخلاقية، وهي فرصة سانحة له ليضع هذه القدرات في خدمة الوطن والمواطنين، وفي هذا شرف عظيم، وهي فقط من هذا المنظور تشريف للمرء لأن يخدم وطنه ومواطنيه، ويؤكد استحقاقه لثقة ولاة الأمر الغالية. على أن للمسألة وجهها الآخر.. ويتمثل هذا الوجه من الفهم الصحيح لمعنى الاستوزار، والفهم الصحيح للأبعاد الحقيقية بطبيعة وظيفة ودور وحدود صلاحيات هذا المنصب. وقد كتبت من قبل وعلى هذه الصفحة موضحا أن الوزير هو جزء من الجهاز التنفيذي الأعلى للدولة، وأنه بهذه المثابة مجرد طارئ.. على الجهاز الإداري في الوزارة. وأن مسؤوليته إنما تنحصر في متابعة تنفيذ السياسات التي يجيزها ويقرها مجلس الوزراء للوزارة التي يتولى مسؤوليتها، ولهذا فإن مجيئه وذهابه على الأقل بالنسبة للوزارة يجب أن لا يعني شيئا كبيرا. * أكاديمي وكاتب سعودي www.binsabaan.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 215 مسافة ثم الرسالة