جاء الدين الحنيف فأوجب حسن معاملة الرقيق، وحث على عتقهم، ورتب على ذلك الأجر العظيم، ولم يكن هذا إلا في ظل الإسلام وحده، وفي عصرنا هذا حيث تتشدق الدول الكبرى بحماية حقوق الإنسان وترفع شعار المساواة والحرية، لا تزال المعاناة هناك مستمرة ومتفاقمة من رواسب التفرقة العنصرية والعرقية، وأصبحت مشكلات اللون والعرق مثار خلافات لا تنتهي. وفي ظلال الدولة السعودية تم إنهاء ملف الرقيق في المملكة تماما على يد الملك فيصل (رحمه الله) استنادا إلى أسس الشريعة الإسلامية الغراء. وعقبت دارة الملك عبدالعزيز على ما ورد في بعض الكتابات الصحفية التي صاحبت الندوة العلمية لتاريخ الملك فيصل بن عبدالعزيز، والتي نظمتها دارة الملك عبدالعزيز عام 1429ه، وأوضحت الدارة في بيان لها أن مسألة تحرير الرقيق في المملكة، بدأت منذ عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (طيب الله ثراه). وأن هذا ما تؤكده الوثائق التاريخية التي تشير إلى أوامر الملك عبدالعزيز بمنع جلب الرقيق، وقد نشرت جريدة أم القرى – وهي الصحيفة الرسمية للمملكة العربية السعودية - بتاريخ 11 ربيع الأول 1356ه، خبرا تحت عنوان: "تعليمات بشأن الاتجار بالرقيق"؛ تتضمن الحظر التام لإدخال الأرقاء من أي البلاد إلى المملكة العربية السعودية، وتم تأكيد ذلك من خلال التوجيهات التي أصدرها الملك عبدالعزيز لأمراء البلدان. و تواصلت الجهود في عهد الملك سعود - رحمه الله - وقد ذكر الأمير طلال بن عبدالعزيز في كتابه - صور من حياة عبدالعزيز - أن الملك سعود شكل لجنة برئاسة الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز وزير الداخلية وقتذاك، وعضوية الشيخ محمد الحركان رئيس محكمة جدة (رحمهما الله)، وغيرهما من المسؤولين للنظر في مسألة الرقيق، ثم تواصل العمل في هذا الموضوع حتى صدر قرار بتحرير الأرقاء، ودفعت الحكومة التعويضات المجزية عن المحررين من خلال البيان الوزاري للسياسة الجديدة للدولة، برئاسة الأمير فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله - ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، والذي كان ينوب عن الملك آنذاك. والشاهد أن مسألة تحرير الأرقاء تم تناولها من قبل الملك عبدالعزيز في عهد مبكر من تاريخ الدولة، ثم استمرت دراستها في عهد الملك سعود، حتى تم إنهاؤها تماما على يد الملك فيصل، فأصبح كل من العدل والحرية والمساواة حقوق مكفولة لكل إنسان دون تفرقة في النظام السعودي. وهكذا تبحر مملكة الإنسانية – حرسها الله - نحو الشواطئ الآمنة بفضل الله، ويقيها الله المصائب والمحن، بما تفعله من خير وحسن تدبير.