أكد السفير السوداني لدى المملكة عبدالباسط السنوسي ل«عكاظ» أن علاقات المملكة مع بلاده إستراتيجية، مشيرا إلى تطابق وجهات النظر بين البلدين حول كثير من القضايا التي تهم المنطقة، وخاصة الوضع في سورية واليمن. وقال إن مواقف السودان ثابتة ولم تتغير في دعم شرعية الحكومة اليمنية، وإعادة الأمن والاستقرار لليمن، بعد اجتثاث العناصر المتمردة. وأوضح السفير السنوسي أن أمن المملكة بالنسبة للسودان خط أحمر، وأن البلدين يواجهان الإرهاب من خندق واحد، مضيفا أن السودان اكتوى بنار التدخلات الإيرانية، وبالتالي فهو محصن من الداخل، كما تطرق السفير السوداني إلى عدد من المواضيع. فإلى نص الحوار: العلاقات السعودية - السودانية مميزة، إلى أين وصل مستوى التنسيق بين البلدين، والمنطقة تمر بمرحلة صعبة ومعقدة؟ العلاقات بين البلدين صاغها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس السوداني عمر البشير، ومرحلة التنسيق متقدمة جدا والسودان يشارك المملكة في جميع القضايا الإستراتيجية الكبرى، ولذلك نجد أن هناك لقاءات منتظمة على كافة الأصعدة، وعلى مستوى وزارتي الخارجية هناك تنسيق مستمر وبلجان عقدت دورات واجتماعات ولقاءات في المملكة والسودان، سواء على مستوى اللجنة الوزارية أو على مستوى لجنة التشاور السياسي، وهناك جولة مرتقبة لعقد دورات تشاورية سياسية في الخرطوم خلال الأسابيع القادمة. السعودية والمملكة في خندق واحد إلى أي مدى تنظرون إلى تطابق وجهات النظر بين البلدين حول سورية والعراق واليمن؟ المنطقة تشهد تطورات كبرى معلومة للجميع، وبؤر توتر وحروبا في مناطق عدة، ولذلك كان لا بد من النظرة الإستراتيجية لكيفية معالجة هذه الملفات، والسودان مع المملكة في خندق واحد لتحقيق الأمن للبلدين والمنطقة بصفة عامة، وكان وما زال موقف السودان مع المملكة في تحالف عاصفة الحزم، ولا شك أن ما يمس أمن المملكة يمس أمن السودان وهذه مسألة إستراتيجية فوجب اتخاذ هذه المواقف تجاه القضايا وخاصة في اليمن. وهناك مواقف منسقة من داخل الجامعة العربية والتحالف تجاه ما يحدث في سورية والعراق وبعض القضايا، فلذلك التنسيق مستمر والرؤى متطابقة. ندرك أنكم تتفقون مع المملكة على أن لا مستقبل لبشار في المشهد السياسي السوري، وتدعمون الشرعية اليمنية، ولا تقرون تصرفات الحشد الشعبي في العراق، ولكن هناك من يحاول أن يعدّل هذا المسار وتحديدا إيران؟ السودان يرجو ويتمنى أن تكون الحلول لهذه القضايا دون تدخلات أجنبية سواء من داخل المنطقة أو من خارجها، وبالنسبة للقضية السورية فالسودان سجل موقفه الداعي إلى التوافق وإيجاد حلول بعيدة عن هذه التدخلات الخارجية الضارة لسورية الشقيقة، ونحن نعلم أن هناك أطرافا تتدخل في الشؤون الداخلية لدول في المنطقة، والسودان اتخذ مواقف حازمة تجاه هذه السلوكيات المرفوضة. اكتوينا بنار التدخلات الإيرانية ألا تخشون أن تهب رياح التدخلات الإيرانية إلى السودان؟ السودان أكثر من عانى من هذه التدخلات، وأدت إلى تفاقم الأوضاع في جنوب السودان سابقا، وما زلنا نعاني من تداعياتها، ومن يكتوي بهذه النار لا يريد أن يكتوي بها الآخرون. هل هذا يعني أن السودان محصنة من الداخل ضد هذه التدخلات؟ هذا ما نسعى له، ولذلك الرئيس السوداني دخل في مبادرة ممثلة في إقامة الحوار الوطني، الذي وصل إلى مراحل متقدمة، بمشاركة جميع الأطياف السياسية داخل وخارج السودان، حتى إن معظم الحركات المتمردة انضمت لهذا الحوار، والآن يصل إلى مراحله النهائية، وقد تبدأ فعالياته خلال الأسابيع القادمة، كما أن السودان وبمساعدة من الاتحاد الإفريقي يسعى إلى احتواء بعض أبنائه الجانحين حتى نمضي في طريق السلام والاستقرار. ولكن ما زال عدد من السودانيين ينظرون إلى أن الفقر يهدد بلادهم، ماذا اتخذت الحكومة حيال ذلك؟ السودان ليس بلدا فقيرا، وهو غني بأبنائه، وأود أن أشير إلى وجود جالية سودانية كبيرة ومميزة في المملكة، ودائما ما نسمع الثناء على عطاءاتها من كبار المسؤولين السعوديين وهذا أمر يسعدنا ويثلج صدورنا، بما لديهم من كفاءة وأمانة، ولا شك أن هذا رصيد للسودان والمملكة والأمتين العربية والإسلامية، والسودان يعاني من عقوبات اقتصادية جائرة وبطريقة أحادية، ونحن نسعى بشتى السبل إلى إزالة هذه العقوبات بمساعدة الأشقاء وخاصة في المملكة، وعندما ننجح في رفعها سيتحسن الوضع الاقتصادي في السودان،. محكمة العدل مسيسة ومتهمة لكن الرئيس السوداني يتنقل شرقا وغربا وفي كل الاتجاهات غير آبه بهذه العقوبات، ألا يخشى محكمة العدل الدولية؟ هذه المحكمة تترنح أمام ظلمها ومعاييرها المزدوجة، سواء من قبل الاتحاد الإفريقي أو دول عالمية ثبت لها مدى تسييس هذه المحكمة واستقصادها لأطراف دون مبرر، والاتحاد الإفريقي اتخذ مواقف جدية وحازمة وصلت إلى مرحلة التلويح بالانسحاب الجماعي من هذه المحكمة لممارساتها الجائرة، وبالتالي السودان لا يأبه بهذه المحكمة ولا يعترف بقراراتها، وللعلم سجل مخالفات أخيرا على هذه المحكمة بما فيها بعض الاتهامات بحق بعض المسؤولين القائمين عليها، وسجلت الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي مواقف داعمة للسودان لا بد أن تسجل. تحدثت عن الجامعة العربية، والمنطقة تعاني من صراعات وحروب، هل ترى أن هذه المنظمة بالفعل قائمة بدورها على المستويين الإقليمي والعالمي، وهل هي من تمثل الصوت العربي لدى مجلس الأمن والأمم المتحدة، والمنظمات والهيئات العالمية المعترف بها؟ الجامعة العربية ليست في جزيرة معزولة، وهي تعكس واقع الدول العربية، وتترجم في الواقع العملي العلاقات بين هذه الدول، ونتمنى أن تؤدي دورها المأمول منها لحل القضايا العربية، ولكن قبل ذلك لا بد أن تتوافق الدول العربية على القضايا المبدئية. مواقفنا لدعم اليمن ثابتة للسودان مواقف مشرفة وداعمة لكثير من القضايا المثارة، فهل ما زال السودان بنفس الزخم فيما يتعلق بدعم الشرعية؟ هذا الموقف مبدئي للسودان، والرئيس البشير يؤكد دائما على أن أمن المملكة خط أحمر، وأن البلدين في خندق واحد، وما يحدث في اليمن يمس السودان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، لذلك هذا الموقف مستمر ولن يتغير. ألا ترون أن جامعة الدول العربية مقصرة في لجم التدخلات الإيرانية في المنطقة، وخاصة في اليمن؟ مواقف الدول العربية للأسف متباينة حول بعض القضايا، وما لم تتخذ هذه الدول مواقف موحدة، وتعود إلى التضامن العربي والالتزام بمبادئ الجامعة فإن الجامعة ستظل رهينة للعلاقات المأزومة بين بعض الدول.