عندما دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ خلاله لقائه مع ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الأسبوع الماضي في بكين لبذل جهود مشتركة مع السعودية لإنجاح قمة مجموعة العشرين التي بدأت في هانغتشو أمس (الأحد) في تعزيز النمو الاقتصادي العالمي وتطوير الحوكمة العالمية، فإنه أرسل رسالة واضحة لقمة هانغتشو بأهمية الدور السعودي، ليس فقط في إنجاح القمة، بل لإعادة تموضع الرياض «الجيو اقتصادي والسياسي» في قمة العشرين، وانطلاق السعودية لكي تلعب دورا فعالا ومؤثرا في المجموعة والتي يمثل الأعضاء فيها نحو 90% من إجمالي الناتج القومي العالمي، و80% من نسبة التجارة العالمية وتمثل أيضا دولها ثلثي سكان العالم. وعندما اعتبر الرئيس الصيني أن بكينوالرياض عضوان مهمان واقتصادان صاعدان وعليهما العمل معا لضمان قيام المجموعة بدورها جيدا كمنتدى كبير للتعاون الاقتصادي الدولي، فإنه رسخ ثقافة التعاون الإستراتيجي بمفهومه الشامل في إطار مجموعة العشرين والتي تحرص السعودية فيه، لتعزيز الاستقرار الاقتصادي وتنويع علاقاتها مع دول المجموعة لتسويق «رؤية السعودية 2030» وفتح قنوات الاستثمار مع دول المجموعة في مجال الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، تناغماً مع الأهداف الإستراتيجية ل«رؤية 2030» للدفع نحو اقتصاد رقمي معرفي استثماري متنوع يمهد الطريق إلى المزيد من التقدم والنماء والمشاركة بقوة في مبادرة الحزام والطريق التي ستمثل رافعة الاقتصاد العالمي مستقبلا. وأكد مراقبون مشاركون في القمة أن حضور السعودية في القمة حتما لن يكون بروتوكوليا فقط، في أكبر مجموعة اقتصادية في العالم بل سيكون فعالا ومؤثرا، ويمثل اعترافاً وتقديرا لأهمية ونفوذها الاقتصادي والسياسي على المسرح العالمي، الأمر الذي يجعلها طرفا فعالا ومؤثرا في السياسات الاقتصادية العالمية، خصوصا أن السعودية تتجه لامتلاك أكبر صندوق استثمارات سيادية في العالم، بمبلغ تريليونَيْ دولار، بما يجعل موقع الرياض الاستثماري عالميا قويا ومؤثرا لتصبح الاستثمارات المصدر الرئيسي للدخل، بدلا من إيرادات النفط ليلعب الاستثمار دورا رئيسا في تحريك الاقتصاد عن طريق الاستثمار محليا ودوليا. المشاركة السعودية في قمة العشرين التي تضم أقوى 20 اقتصادا في العالم، لن تكون بروتوكولية على الإطلاق، وهناك إصرار سعودي أن تحقق الدبلوماسية السعودية اختراقات إيجابية متعددة سواء داخل القمة لتحقيق الاستقرار للاقتصاد العالمي والأمن والسلم في المنطقة والعالم، أو من خلال اللقاءات التي عقدها الأمير محمد بن سلمان مع عدد من قادة مجموعة العشرين والتي ستساهم في زيادة الدور المؤثر الذي تقوم به السعودية في الاقتصاد والسياسة العالمية، كونها تحظى باحترام وتقدير عال في المحافل الدولية. وأشاروا إلى أن حضور السعودية في هذا المحفل العالمي سيساهم في عصف ذهني عملي، ويفتح الحوار المباشر مع صناع السياسات المالية والاقتصادية والسياسية العالمية، وهو ما ينعكس إيجابيا على فهم السياسة السعودية سواء في جوانبها الاقتصادية في مرحلة ما بعد طرح الرؤية السعودية 2030 وتقليل الاعتماد على النفط، أو عبر السياسة الخارجية حيال إبعاد المنطقة عن الأزمات وإيجاد حلول عادلة وشاملة لقضاياها وفقا لقرارات الشرعية الدولية، ولجم الإرهاب ومنع التدخلات الإيرانية في شؤون المنطقة، وأداء دور فاعل وإيجابي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي، وصياغة نظام عالمي يحقق نموا اقتصادياً عالمياً متوازناً ومستداماً. ومن المؤكد أن المشاركة السعودية في القمة التي ستختتم أعمالها اليوم الاثنين، ستحقق الكثير من الاختراقات الإيجابية بهدف تنويع شراكاتها وتحالفاتها الإستراتيجية في مجموعة العشرين التي تتكون من 20 دولة، هي: (الأرجنتين، أستراليا، البرازيل، كندا، الصين، فرنسا، ألمانيا، الهند، إندونيسيا، إيطاليا، اليابان، المكسيك، روسيا، السعودية، جنوب أفريقيا، كوريا الجنوبية، تركيا، بريطانيا، أمريكا)، كما أنها ستعمل على دعم علاقاتها مع هذه الدول في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية، وعليه فإن التحرك السعودي في قمة هانغتشو يعتمد على القوة في التأثير والحكمة في التدبير، ووضع مصالح السعودية الإستراتجية والأمنية والسياسية والاقتصادية والاستثمارية في المقاوم الأول.