من الصعب أن تتحدث في هذا العالم عن ألف باء الغناء، يبدو ذلك للوهلة الأولى ضربا من الخيال والتنظير المنبوذ في مجتمعاتنا الحالية.. حسنا؛ هذه المرة لن نلجأ إلى التنظير ونكتفي بقصة الحلم الذي تحول إلى حقيقة من خلال الملياردير الصيني جاك ما. ذلك الرجل، الذي صنع المستحيل وحقق ما يصبو إليه كل شاب في القرن ال 21 بالانتقال من الفقر إلى الغنى، بدأت قصة جاك حين كان مدرسا بسيطا للغة الإنجليزية، وتحول في فترة قصيرة من مدرس إلى عملاق في عالم التكنولوجيا وإلى أغنى رجل في الصين. يبلغ «جاك» 50 عاما، فهو مؤسس ورئيس مجموعة «علي بابا» العملاقة للتجارة الإلكترونية، التي تعد اليوم أكبر شركة تجارة إلكترونية في العالم، إذ تتجاوز مبيعاتها السنوية 170 مليار دولار، ويعمل بها أكثر من 22 ألف موظف، في أكثر من 70 مدينة حول العالم، وتعمل الشركة بشكل رئيسي على تسهيل التجارة الإلكترونية بين الأفراد والشركات والتجار على الصعيدين العالمي والصيني. كان والداه فنانين يؤديان أغاني تقليدية تعرف باسم «البينغ تان»، وهي نوع من السرد القصصي الملحَّن، وعندما بلغ سن ال 12 بدأ يهتم باللغة الإنجليزية فتعلمها بنفسه، وكان يركب دراجته لمدة 40 دقيقة يوميا وعلى مدى ثماني سنوات للوصول إلى فندق بالقرب من بحيرة هانغتشو، كي يحتك بالسياح ويقدم لهم خدماته دليلاً سياحياً مجانياً بهدف ممارسة اللغة الإنجليزية. وبعد التخرج، مارس جاك مهنة تدريس اللغة الإنجليزية لمدة خمس سنوات براتب 100 إلى 120 يوان، ما يعادل 12 إلى 15 دولارا أمريكيا شهريا، فدفعه راتبه التعيس إلى البحث عن مصادر أخرى للكسب. وفي عام 1995 ذهب جاك ما إلى سياتل للعمل مترجماً. في هذه الزيارة الأولى إلى الولاياتالمتحدة، عرّفه أصدقاؤه بالإنترنت. حينذاك أدرك أن أي مصدر للبيانات على الإطلاق غير موجود في الصين، وقال جاك إنه لمس وقتذاك لوحة المفاتيح لأول مرة في حياته، ولكنه عندما عاد إلى الوطن، أطلق موقعا إلكترونيا للبيانات هو عبارة عن دليل للأعمال التجارية أطلق عليه اسم «الصفحات الصينية». وفي عام 2003، أطلق جاك الموقع الإلكتروني التجاري «تاوباو»، لينافس موقع «إي- باي» الصيني، وبحلول شهر أكتوبر (تشرين) الأول عام 2005، اكتسب الموقع 70 % من سوق التسوق الإلكتروني في الصين. وفي سن ال 50، بلغت ثروة مؤسس ورئيس شركة علي بابا 21 مليار دولار، وفقا لمؤشر بلومبيرغ للمليارديرات. ويعد جاك ما شخصا مُلهما للكثير من الشباب حول العالم، ويستمع طلاب الجامعات إلى محاضراته بكل اهتمام وشغف. ففي الاجتماع السنوي للمساهمين في مايو 2009، هذا الاجتماع الذي حرص على حضوره المساهمون والعملاء وطلاب من جامعات هونغ كونغ، نصح جاك ما الشباب بأخذ زمام الأمور بأيديهم والتحرك لإطلاق مشاريعهم الخاصة بغية التعامل مع الانكماش الاقتصادي بدلا من انتظار الوظائف الحكومية أو الخاصة.