قبل الحديث عن علي بابا لابد من الحديث عن جاك ما، الرجل الذي تقدم للعمل مدرساً في جامعة هارفارد لعشر مرات ولم يحالفه الحظ، كما أنه الرجل الذي عمل منظماً للرحلات السياحية للأجانب في الصين مجاناً لتعلم اللغة الإنجليزية، ومن ثم عمل براتب 1500 دولار شهرياً لخمس سنوات لنفس الهدف. في العام 1995 كان يرغب في شراء منتج عبر الإنترنت ولم يجده، ما دعاه إلى التفكير بجدية في استحداث موقع للتجارة الإلكترونية على غرار تجربة ياهو آنذاك وانبهاره بوادي السليكون في الولاياتالمتحدة. وفي العام 1999 أسس جاك ما موقع علي بابا للتجارة الإلكترونية في شقة صغيرة ويعمل معه 17 موظفاً، كانت التجربة جديدة ويراها بعض من حوله آنذاك أنها ضرب من الجنون، وكان الكثير يخيفونه من مغبة إطلاق الموقع لجهلهم بما يمكن أن تحققه التجارة الإلكترونية كونها لا تزل جديدة ولم يثبت نجاحها بعد. ولمن لا يعرف موقع علي بابا فهو منصة للتجارة الإلكترونية تتيح للشركات بيع منتجاتها ويقوم الموقع بتسهيل عمليات الدفع والشحن لأي موقع في العالم. كانت بدايات الشركة صغيرة ومتواضعة وكبرت وكبر حلم مؤسسها إلى أن حققت في احد أيام العام 2013 أكثر من 5 مليارات عملية بيع وهو رقم عمليات تجارية كبير بكافة المقاييس. وفي العام 2014 عرض موقع علي بابا الصيني للاكتتاب العام في الولاياتالمتحدة وحققت الشركة 20 مليار دولار بعد بدء تداول أسهم الشركة، واليوم يعد جاك ما أغنى رجل في الصين وتستحوذ الشركة على 80% من سوق التجارة الإلكترونية في الصين ومحيطها التجاري أكثر من 240 دولة ويبلغ عدد مستخدمي الموقع أكثر من 76 مليون مستخدم ويعمل بالشركة أكثر من 27 ألف موظف. يقول جاك ما عن مستقبل التجارة الإلكترونية إنها ستقتل طريقة التفكير التجارية التقليدية وتستحوذ التجارة الإلكترونية على 5% من إجمالي الاقتصاد الصيني اليوم ومن المتوقع أن ترتفع بعد عقد لتصل إلى 50% من إجمالي الاقتصاد الصيني. الخلاصة: موقع علي بابا للتجارة الإلكترونية والذي تبلغ قيمته السوقية ما يعادل 570 مليار ريال سعودي كان بمبادرة من مدرس اللغة الإنجليزية جاك ما ولم يكن من عائلة ثرية أو لديه خبرات نوعية وإنما قاده طموحه ورغبته في النجاح إلى تحقيق هذه النتائج المبهرة وهو ما يعني أن النجاح الحقيقي الذي يمكن أن نحققه ليس في مواكبة التطورات الصناعية والتقدم العلمي فحسب بل بتغيير طريقة تفكير الأجيال للإقدام على التجارب التي لم يسبق أن أثبتت نجاحها فهي المفعول الأنجح لتنويع مصادر الدخل الوطني بعيداً عن النفط وزيادة فرص العمل على المستوى الوطني وربما على مستوى المنطقة.