قمت بزيارة ميمونة لسوق عكاظ، متأثرة بالأصداء وخاصة بعد حفلات التنوير التي ابتهج بها بعض الكتاب والمثقفين زاعمين أن عصراً من البهجة وكرنفالاً من الأضواء عاد للوطن بعد اغتراب سنوات طوال وهم لا يقصدون بهذه التعابير الرنانة أي شيء عدا أن الفنان محمد عبده قدم حفلاً غنائياً وأغنية بلحن المجرور الطائفي ليلة افتتاح سوق عكاظ. ورأيي حول الأغنية الرتيبة التي قدمها محمد عبده ليلة افتتاح سوق عكاظ فكاد أن ينام الحضور لفرط الضجر، أنها سميت ظلماً وبهتاناً «مجرور طائفي» بل هي أقرب للسليق الطائفي منها لأي شيء آخر في الطائف. زرت سوق عكاظ ومشيت في المنطقة المسماة «جادة عكاظ» هناك ستجد عن يمينك وشمالك بيوت شعر بمحتويات قليلة معلقة بغير انتظام من سدو وجلود ماعز، وتتحلق حولها نسوة من جرهم وقضاعة يبعن ورق العنب والكشري، وأقمشة كانت تباع للكفار الذين لا بد ستجد بعضهم يتجول في المكان مرتدياً قميصاً من الشيفون أو التفتة اللامعة «ويطوطح» بسيف بلاستيكي في يده وقد نفش شعره المترب ورسم على محياه تعابير الجلافة «على اعتبار أنه للتو قد خرج من دار الندوة وهو يتآمر على الرسول صلى الله عليه وسلم»، وفي الخلفية تسمع حواراً يصدح من السماعات المعلقة بين رجلين يتحدثان الفصحى ويصرخان، ثم فجأة يتوقف الحوار ويعزف لحن مسلسل الزير سالم. في آخر الجادة قريباً من بوابة الخروج رأيت أكثر الأمور شبهاً بجادة سوق عكاظ.. رأيت تجمهر الناس حول فرع للمطعم الجداوي الشهير الذي يقدم وجبات من البروست الساخنة وقد كسيت جدرانه بقماش أسود مغزول من النوع نفسه الذي تبنى به بيوت الشعر! نعلم أن ميزانية كبيرة رصدت من أجل فعاليات سوق عكاظ، وشاهدنا عناية الأمير خالد الفيصل وبقية المسؤولين بتنظيم فعالياته ومحاضراته وأمسياته الشعرية، لكن للأسف المسؤولين عن تنظيم محتويات جادة عكاظ لم يستطيعوا مواكبة التطلعات. [email protected]