تتنفس أبها عبر عقبتي «شعار» و«ضلع» اللتين تعملان بمثابة رئتين لها، الأولى تربطها بمحايل عسير، والأخرى تصلها بمنطقة جازان، إلا أن العقبتين دائما ما تصابان باختناق وتعسر في عمليتي الشهيق والزفير، بعد أن تحولتا إلى ساحتين للحوادث اليومية والدماء، نظرا لضيقهما وغياب وسائل السلامة، إضافة إلى افتقادهما لأي إصلاحات وتطوير وتوسعة، تواكب النمو السكاني الذي شهدته المنطقة، فعقبتا شعار وضلع بقيتا على حالهما دون أي تحسين منذ أن أنشئتا قبل ربع قرن، بينما تضاعف العابرون وضاق بهم الطريقان. وتتزايد المعاناة في العقبتين كلما هطلت الأمطار، وفي فصل الشتاء، حين تزدحم بمركبات الباحثين عن الدفء في سهول تهامة عسيروجازان، ولكل واحدة منهما أخطار تختلف عن الأخرى، لكنهما تشتركان في أن الضحية هو العابر عليهما. ويتضاعف الموت في «شعار» لأنها منفذ الشاحنات الوحيد الذي يربط بين تهامة عسير بسراتها، إضافة إلى وجود كثير من المنعطفات والأنفاق المظلمة، وفي نهاية الأسبوع تزيد وتيرة حركة السيارات الصغيرة، التي تجاري الناقلات الكبيرة ويختلط الحابل بالنابل. ولم تجد نفعا الجهود المبذولة لإنهاء الخطر في عقبة «ضلع» التي تربط منطقة عسيربجازان، إذ شهدت كثيرا من الكوارث والمآسي، من أبرزها السيول التي داهمتها عام 1402 وعام 1426 وراح ضحيتها 24 شخصا و13 مصابا، والحوادث المروعة التي لا تتوقف عليها، ومن أشهرها حادثة سقوط حافلة النقل الجماعي في 15/2/1429 من على ارتفاع 40 مترا وراح ضحيتها نحو 26 شخصا بينهم أطفال. يرتاد مانع سعيد الغامدي عقبة ضلع يوميا وهو يضع يده على قلبه، خشية أن يكون الدور عليه في الحوادث التي تقع عليها بكثرة، مرجعا المآسي على الطريق إلى عدم ازدواجه وضيقه، وكثافة الشاحنات، والتجاوز الخاطئ من السيارات الصغيرة داخل الأنفاق. وذكر أن 11 كيلومترا من العقبة شديدة الوعورة ويوجد بها 13 جسرا يبلغ طولها 3400 متر، ونفقان يبلغ طولهما 660 مترا، مشيرا إلى أن العقبة تبدأ من أبها مرورا بالدرب وصولا إلى جازان. وشدد أحمد الغامدي على أهمية اتخاذ التدابير الوقائية لحقن دماء العابرين في عقبة ضلع، مرجعا تزايد أعداد ضحايا العقبة إلى المنعطفات الخطرة، مطالبا بالإسراع في إضاءة أنفاق عقبتي ضلع وشعار للحد من نزف الدماء وتناثرها على الأسفلت. ورأى عبده القيسي ضرورة إيجاد بدائل لعقبة ضلع التي تحولت إلى ساحة يتساقط عليها العابرون، مستغربا عدم وجود أي تطوير أو تحسين عليها، رغم أنهم يسمعون عن مشاريع عدة، رصد لها ميزانيات ضخمة لتطوير العقبة التي بقيت على حالها منذ نحو ربع قرن. وأفاد غانم هروبي أنه يتفادى السير على عقبة شعار قدر الإمكان هربا من الحوادث التي تقع عليها بكثافة، مبينا أنها بمسار واحد وتشهد ازدحام المركبات الصغيرة والشاحنات، ما يزيد من نسبة الحوادث. وأوضح أن العقبة ذات ارتفاع شاهق يزيد على 5000 متر، وتشهد كثافة مرورية خصوصا أوقات الذروة في الفترتين الصباحية والمسائية، ودائما ما تتوقف الحركة فيها وتصاب بشلل تام، لافتا إلى أن المنحنيات الخطرة تتسبب في كثير من الحوادث، فضلا عن أنها شديدة الانحدار، ومتعددة الأنفاق. واستغرب خالد عسيري بقاء عقبة شعار على وضعها منذ أن أنشئت قبل أكثر من 25 عاما لم يطرأ عليها أي تطوير، لافتا إلى أن تكاليف بنائها بلغت نحو 377 مليون ريال وتشتمل على 11 نفقا على امتداد 32 جسرا يزيد ارتفاعها على 65 مترا وفيها ما يقارب 351 عبارة لتصريف المياه، متذمرا من بقاء أنفاقها مظلمة بلا إنارة ما يزيد من نسبة الحوادث. واقترح عسيري تزويد عقبة شعار بالراصد الآلي للمخالفات (ساهر) أسوة بما حاصل في ضلع، ليتم ضبط المتهورين والمتجاوزين بطريقة خاطئة. وفيما استبشر أهالي عسير باعتماد عقبة ثالثة جديدة تربط منطقتهم بجازان، متمنين ألا تخرج كسابقتيها حافلة بالعيوب الفنية التي حولتهما إلى ساحتين للحوادث القاتلة، أوضح مدير عام فرع وزارة النقل في منطقة عسير المهندس مبارك ناصر المطوع أنه يجري حاليا دراسات تصميمية لتنفيذ مشروع مزدوج مماثل يبدأ من محافظة محايل عسير، وحتى أسفل عقبة شعار. واعتبر المطوع تلك الخطوة ستكون بمثابة نواة لاستكمال ازدواج طريق العقبتين من خلال خطة مرحلية، مبينا أن الوزارة اعتمدت مشروعا لصيانة وتهوية الأنفاق بعقبات عسير، إضافة إلى إيصال التيار الكهربائي لها واستكمال تنفيذ أكثر من 39 مشروعا للطرق في محافظات ومراكز المنطقة كافة. وبين أن المشاريع هي استكمال لعدد من مشاريع شبكة الطرق الكبيرة والتي تنفذ في منطقة عسير ذات التضاريس الجبلية الوعرة، ما يزيد من تكاليف إنشاء العقبات وتحتاج إلى جهد مضاعف ووقت طويل في التنفيذ.