الرياضيات جزء لا يتجزأ من حياتنا، وطلابنا اليوم يكبرون في بيئة تغيرت عن الماضي، فالتكنولوجيا التي تستخدم في المنازل والمدارس والشوارع بنيت جميعها على المعرفة الرياضية. استجابة لهذه التغيرات في المجتمع والتعليم، نشأ مفهوم جديد لتعليم الرياضيات - لتغيير المفهوم السابق الذي كان يُعنى بالمهارة في إجراء العمليات الحسابية - يسمى «البراعة الرياضية» ، وهو يهدف إلى التركيز على فهم المحتوى، إلى جانب التفكير بطريقة رياضية لتزيد قدرة الفرد على حل المشكلات بطريقة رياضية، وتزيد قدرته على الاستدلال والتحليل. البراعة الرياضية تشمل كل جوانب الخبرة والكفاءة والمعرفة بالرياضيات، وهي عبارة عن خمسة خيوط مترابطة ومتداخلة يدعم كل منها الآخر: الاستيعاب المفاهيمي (conceptual understanding): فهم المفاهيم والعمليات والعلاقات الرياضية. الطلاقة الإجرائية (procedural fluency): المهارة في تنفيذ الإجراءات بمرونة ودقة وبشكل مناسب. الكفاءة الإستراتيجية (strategic competence): القدرة على صياغة وتمثيل وحل المشكلات الرياضية. الاستدلال القابل للتكيف (adoptive reasoning): القدرة على التفكير المنطقي، والتفكير التأملي، والتفسير، والتبرير. الرغبة المنتجة (productive disposition): الميل أو الرغبة أو النزعة الفطرية لرؤية الرياضيات كمادة نافعة ومفيدة وجديرة بالاهتمام، إلى جانب الإيمان بالاجتهاد والكفاءة الشخصية. هناك ممارسات صفية تنمي البراعة لدى الطلاب مثل إعطاء المعلم للطلاب مهمات تنمي مهاراتهم الرياضية وتجعلهم يشاركون بإيجابية وينخرطون في أعمال تتطلب جمع بيانات وقراءة نصوص واستخدام الحدس والتبرير، وتحتاج إلى إثارة دافعية الطلاب وشد حماستهم للتعلم كاستخدام التلعيب أو اللوعبة (Gamification) في التدريس، كما يتطلب من المعلم بناء مخطط لربط المعلومات والخبرات السابقة مع الخبرات اللاحقة وطرح أسئلة فيها نوع من التحدي لتفكير الطلاب وتشجعهم على العمل كجماعات تعاونية يدعم فيها كل فرد الآخر ويعتبر نجاح زميله جزءا من نجاحه هو. البراعة الرياضية لا يمكن أن تنجز من مرة واحدة ولكنها تحتاج إلى تدريب وتوفير للموارد واكتساب المعرفة بأصول التدريس وإجراء دراسة تقيس فاعلية إجراء وحدات تجريبية لتنمية وقياس البراعة الرياضية لدى الطلاب. وفاء محمود صادق - مشرفة الرياضيات في مكتب التعليم الجنوب الغربي بجدة