كشف السفير الصيني لدى السعودية، لي هواشين ل«عكاظ» أن بكين والرياض اتفقتا على أن يكون عمل اللجنة العليا المشتركة ذا طابع تخطيطي وتوجيهي لتطوير العلاقات الثنائية، بعدما كانت منحصرة في الماضي على أوجه التعاون الاقتصادي والتجاري، إذ رُفع مستوى تمثيل البلدين في اللجنة المشتركة من وزير إلى مستويات عليا، ليرأس اللجنة من الجانب السعودي ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ومن الجانب الصيني النائب الأول لرئيس الوزراء الصيني. وأكد رغبة بلاده في نقل التقنية الصينية المتطورة لتصنع في السعودية، موضحا أن عمل الصين في ملف الطاقة النووية السلمية السعودية لن يقتصر على الدعم اللوجستي فقط، وتطرق في حديثه إلى الكشف عن أسباب مواصلة الصين لاستيراد النفط من المملكة بكميات كبيرة؛ رغم أن هناك دولا منتجة قريبة؛ مضيفا بقوله في هذا المجال: «سيزداد استيراد الصين للنفط السعودي مستقبلا».. فإلى تفاصيل الحوار: • هل هناك دفع قوي باتجاه تعزيز العمل المشترك بين البلدين في مجال الطاقة النووية السلمية؟ •• أثناء زيارة الرئيس الصيني للسعودية في يناير الماضي تم التوقيع على 14 اتفاقية تعاون ثنائي، شملت المجالات التقليدية للتعاون مثل المقاولات، بل ووصلت إلى مجالات جديدة مثل التعاون في الفضاء، والطاقة الذرية، والطاقات المتجددة والعديد من المجالات العلمية الحديثة. • هل سيكون التعاون في إطار لوجستي أم يأخذ طابع التنفيذ المباشر؟ •• لا أعتقد أن العمل في هذا المجال سيكون لوجستيا فحسب؛ بل سيتحرك في نطاقات واسعة. • هل يوجد مفاوضات لنقل تقنيات صينية قوية لتصنع في السعودية؟ •• الصين مستعدة لنقل التكنولوجيا العالية إلى السعودية وتلبية احتياجاتها في هذا المضمار بعدما أبدت السعودية رغبتها في الاستفادة من التكنولوجيا الصينية، وأنا أقول بصراحة لسنا متفوقين في كل شيء، لكن هناك صناعات أثبتت الصين تفوقها التام فيها، خصوصا وأن بعضها ذات حقوق فكرية صينية بحتة. • ألا يوجد نوع من نقل التقنية في الوقت الراهن؟ •• بحسب معلوماتي في جانب التعاون بين البلدين؛ فإن هناك معدات تستوردها السعودية من الصين مع نقل التكنولوجيا الخاصة بها، لذا نرجو أن تكون التكنولوجيا الصينية عملية واقتصادية تتمتع بمميزات في السعر، فالصين تسعى إلى أن تشارك بلدانا أخرى في الاستمتاع بالنتائج التي تتوصل إليها. • في ملف النفط.. كيف ترون علاقة السعودية بالصين؟ •• السعودية أكبر مورد للنفط الخام إلى الصين، إذ تبيع السعودية للصين 50 مليون طن من البترول الخام، وتعتبر السعودية من أوائل الدول التي تتمتع بالثروات النفطية والإنتاجية ولها دور كبير ومؤثر في الساحة الدولية النفطية، بينما تعتبر الصين من الدول المنتجة للنفط والأعلى استهلاكا له. • لماذا تعمد الصين إلى استيراد النفط بكميات كبيرة من السعودية تحديدا رغم أن هناك دولا أقرب إليها تنتج النفط بكميات كبيرة مثل روسيا؟ •• التعاون مع السعودية له تاريخ طويل، فهو ليس ناتجا عن سنوات قليلة، لذلك نحن حريصون على مواصلة العمل مع أصدقائنا القدامى، ونحرص على الصداقة مع السعودية، ثم إن السعودية لها إمكانات كبيرة، ويوجد الآن مشاريع كبيرة للتعاون البترولي، لكننا لا نستبعد الاستيراد من بلدان أخرى، خاصة أن تلك البلدان لها مميزات مثل المسافة وأسلوب الحسابات والتصفية وأشياء أخرى فنية، غير أنني أؤكد على أننا حريصون جدا على صداقة السعودية، لذلك أعتقد بأن استيراد الصين للنفط من السعودية سيستمر بل وسيزداد. • الصين تستهلك كميات كبيرة من النفط لكن اقتصادها دخل في مرحلة تباطؤ فإلى أي مدى سيؤثر ذلك على حجم استهلاكها للنفط؟ •• الاقتصاد الصيني حافظ على نمو مستمر، رغم أنه عدل من نسبة ذلك النمو ليدخل إلى مرحلة الحالة الطبيعية الجديدة، فمنذ سنتين انخفض معدل النمو الصيني عما قبل، حين كان متوسط معدل نمو الصين 9 % - ما يعني أن هناك سنوات تجاوز فيها معدل النمو 10 % - لكن في السنتين الأخيرتين انخفض النمو إلى أقل من 7 %، ووصل معدله في النصف الأول من العام الجاري نحو 6.7 % رغم أن هذا الرقم كبير بالمقارنة مع الكثير من دول العالم قياسا بالأوضاع الاقتصادية العالمية المتقلبة وذات الرؤية المستقبلية التي يصعب التنبؤ بها، إلا أن الصين تمكنت من الاحتفاظ بهذه النسبة العالية من النمو. • أفهم من حديثك استمرار وضع النمو الصيني على ما هو عليه لفترة أطول. •• هذه حالة طبيعية جديدة ربما تستمر لسنوات قادمة، والصين تنتج النفط لكن حاجتها المستمرة للبترول والوقود تجعل معدل الاستهلاك أعلى من الإنتاج ما يجعل الصين تستورد النفط بما يكفي حاجتها للتطور. • ما هو الاستثمار الذي تعمل عليه الصين حاليا في السعودية؟ •• هناك عدة استثمارات، فمثلا هناك مشروع كبير لإنتاج إطارات السيارات، إلا أنه قيد البناء في غرب السعودية، كذلك استثمرت الصين في مشروع كبير بينبع بنسبة عالية بلغت 37 % من الأسهم الإجمالية، وهناك مشاريع أخرى مثل مشروع الأنبوب الحديدي في المنطقة الشرقية الذي استثمر فيه القطاع الخاص الصيني، وقد دخل المشروع الأخير حيز الإنتاج ومنتجاتها رائجة في السعودية ودول الخليج. • وبالنسبة للاستثمارات السعودية في الصين.. •• هناك استثمارات سعودية في الصين بعضها ظاهرة وأخرى غير ظاهرة بعد، لأنها استثمارات في سوق الأسهم، رغم أنها ليست كبيرة كما نتوقعها، لكننا نعتبرها بوادر مبشرة بخير. • كيف تجدون الميزان التجاري بين البلدين بعد توليكم منصب السفير؟ •• ازداد حجم التبادل التجاري سنويا حتى أصبحت الصين أكبر شريك للسعودية؛ إذ بلغ حجم التبادل في العام الماضي 52 مليار دولار أمريكي ما جعلها في المرتبة الأولى بالنسبة للتجارة الخارجية السعودية؛ أما السعودية فهي أكبر شريك تجاري للصين في منطقة الشرق الأوسط وقارة أفريقيا بكاملها، وأنواع البضائع التي تصدرها الصين إلى السعودية تشمل مجالات كثيرة تتعلق بالكثير من ميادين الحياة في السعودية؛ لذلك أقول أن هناك تعاونا اقتصاديا وتجاريا جيدا بين البلدين لكن مازال هناك إمكانات كامنة ضخمة يجب استغلالها لتعزيز هذا التعاون. • ما مدى توغل شركات المقاولات الصينية في مشاريع وزارة الإسكان؟ •• هناك تعاون في أعمال المقالاوت والبناء؛ إذ يعمل في السعودية أكثر من 130 شركة صينية منها 80 % تعمل في مجال المقاولات، ويستقطع قطاع الإسكان نسبة لا بأس بها، لاسيما أن هناك مذكرة تفاهم جرى توقيعها بين البلدين في هذا الشأن لتشجيع شركات المقاولات الصينية، ونحن نشجع تلك الشركات على الدخول في السوق السعودية. • لماذا اخترتم صحيفة «عكاظ»؟ •• صحيفة «عكاظ» مهمة في السعودية، ولها ثقل كبير، إذ ساهمت مساهمة قوية في نشر أخبار الصين، والأخبار المتعلقة بالعلاقات السعودية الصينية المتطورة، لهذا أنا سعيد بزيارتي للصحيفة بصفتي سفيرا جديدا للصين في السعودية، وبهذه المناسبة أعبر عن شكرنا وتقديرنا للدور الكبير الذي تلعبه صحيفتكم، وأتمنى أن نستمر في التعاون بين السفارة والصحيفة، وأن يكون هناك جسر مستمر يربط بين الصحيفة ووسائل الإعلام الصينية الأخرى.