طالبت السعودية مرارا وتكرارا العالم جميعا بضرورة الاتحاد في صف، والالتقاء على كلمة من أجل العمل على مواجهة الإرهاب الذي نال من الكثيرين، لحماية الإسلام من تزعزع الثقة فيه، بعدما حوله الملغومون فكريا من الوسط إلى الشطط؛ مقدمين لأعداء الدين أكبر هدية في مهاجمته، والنيل منه، وانتقاصه، وتأويل تاريخه بما لا يتسق مع ماضيه المشرف. أولئك الأعداء وجدوا الفرصة سانحة لتأليب العالم على الدين الإسلامي، وعلى من يحمي مقدساته المتمثلة في الحرمين الشريفين؛ فكان الهجوم ضاريا على السعودية وسط دعم لا محدود من خونة الإنسانية الذين استمرأوا ضلالهم، وأوغلوا في أفعالهم الإجرامية عبر تفخيخ السفهاء، وتفجير الأبرياء ليدفع من بعدهم الأحياء ثمن تلك الأخطاء. ولأن السعودية عانت كثيرا من الإرهاب الذي ضرب مدنها غيلة.. لم ترد للآخرين في كافة أنحاء العالم أن يذوقوا مرارة التجربة، ويتجرعوا البلاء؛ فأخذت تنادي بضرورة اجتثاث الإرهاب من منابعه عبر مواجهة أسباب نشوئه، والضرب بيد من حديد على المؤوين له، لحماية الحياة المدنية من الدخول في متاهات التبرم والنقمة والسخط؛ ثم أعلنت على تعاونها المطلق في هذا المجال مع العالم بأسره حتى يفيء الاستقرار على الجميع. إلا أن أكثر ما يحير ساكني منطقة الشرق الأوسط؛ أن معاول الإرهاب، والمطلوبين أمنيا في الكثير من دول العالم المحسوبين عنوة على الإسلام عامة وعلى التيار السلفي خاصة قد وجدوا في إيران الحضن والحاضنة، فتكيسوا بها وكستهم، واستظلوا بولاية الفقيه فأضلتهم حتى اشتروا قوتهم بموتهم؛ ليتحولوا إلى متفجرات متحركة تضرب في جنح الظلام من لا حول له ولا قوة. تلك الحيرة تتجلى حين تأتي أصوات دولية تطلب بأن تجعل إيران شريكا في صناعة السلام، ويدا مهمة في إرساء الاستقرار، وفي المقابل تشن الحملات تلو الحملات على السعودية التي ظلت أياديها البيضاء بعيدة عن التلوث بالدماء لأنها تدرك انطلاقا من أساسها العميق، وسياستها المتزنة أن ذلك سيكون له ارتداد عكسي حتى ولو بعد حين؛ لذلك أصر السعوديون على النأي بأنفسهم من الدخول في وحل الإرهاب الذي يقوم على تجنيد عناصر مختلة من أجل تنفيذ عمليات على أراضي دولة أخرى؛ إدراكا منها بعمق مسؤوليتها تجاه العالم كون الاتهامات التي طالتها والتبعات التي نالتها ما هي إلا نذر خير تؤكد على أن الكذب لا يستطيع الصمود أمام الحقيقة.