أن تولد وفي فمك ملعقة من ذهب.. هذا قدرك، فلا ضير وقتها أن تمتلك منزلا في أرقى المناطق، وتقود أحدث السيارات وأغلى الماركات، وتختار ملابسك من أفخم بيوتات الأزياء العالمية، وتأكل كل ما لذ وطاب، وتعيش حياتك بأكملها خمس نجوم. أما أن تستدين من «طوب الأرض» حتى تظهر بين أقرانك وأمام أعين الناس بمظهر «شيك» وجذاب، يخالف مخبرك، فهذا حمق لا دواء منه، ولكل داء دواء يستطاب به، إلا الحماقة أعيت من يداويها. ويقع الرجال والنساء شباب وفتيات أسرى هذه الظاهرة، بلا مبرر، سوى التفاخر والمباهاة والانجراف نحو التقليد الأعمى بغض النظر عن الطبقة التي ينتمون إليها، أو الظروف التي يعيشونها، فما يهمهم هو الظهور بمظهر الغنى الفاحش، حتى لو كانوا فقراء معدمين، فلا هم حققوا الرضا المطلوب، ولا هم كفوا أنفسهم شر الديون، فالسعادة التي ارتسمت على وجوههم، مؤقتة. فالشاب يحرص على استئجار قاعة أفراح لإقامة حفل زواج، بمبلغ قد لا يملكه، لمجرد تقليد زميله الثري، دون مبالاة بالخسائر التي تفوق قدرته، ثم يركض في كل اتجاه لاستدانة إيجار القاعة، ليسدده على مدى نصف حياته. أما «كشخة» السيارة، فأجارك الله، يتخرج الشاب، يلتحق بوظيفة براتب لا يتعدى خمسة آلاف ريال، وأول ما يبحث، عن الفشخرة الكذابة، فيشتري سيارة فارهة، يسدد أقساطها على خمس سنوات وأكثر، ليجاري هذا وذاك، ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فمجرد أن يسدد ثمنها، يبحث عن أخرى، ليظل محافظا على المظهر الخادع الذي رسمه أمام أقرانه، ليقع في «الخيَّة» مرة تلو مرة. وعن النساء والفتيات، فحدث ولا حرج، يتبعن الموضة، ويبحثن عن الماركات غالية الثمن، ويحرصن على حضور كل مناسبة بفستان مختلف، مهما كلف الأمر من مصاريف، قد تكسر ظهر الزوج أو الأب، لمجرد أن تكون ملفتات للنظر. ناهيك عن استدانة أرباب الأسر لتحقيق رغبة السفر بدعوى السياحة الخارجية، لمجرد التباهي بقضاء الإجازة في إحدى الدول الأوروبية أو العربية، وما يصاحب ذلك من بذخ في المصاريف، يصل إلى درجة السفه، في وقت يمكن أن تحقق هذه الأسر الاستمتاع والترفيه ذاته في الداخل، ربما بنصف التكاليف. وحب الظهور بمظهر متميز مطلب مستباح، لا ينكره عاقل، إلا أنه من غير المنطقي أن نكلف أنفسنا ما لا نطيق، لمجرد «الفشخرة الكذابة».