سعوديون كثر يعرفون المرشد السياحي التركي «بحري»، فهو الرجل الذي وضع نفسه في خدمتهم بمجرد وصولهم وحتى لحظة مغادرتهم عائدين إلى المملكة. عائلات سعودية عديدة ارتبطت به، وثقوا به، فأوكلوا له مهمة استقبالهم وإعداد برامج رحلاتهم السياحية في مدن تركيا. يوم تفجيرات المطار لم يكن يوما عاديا عند المرشد «بحري»، سيمضي وقت طويل قبل أن تمحو ذاكرته مشهد الدماء والأشلاء وبكاء الأطفال ودموع النساء التي فجرها إرهابيون ماتت ضمائرهم أو استودعوها عند مجرمين يصدرون إليهم أوامر وتعليمات القتل واستباحة الدماء. يرى المرشد السياحي بحري -في حديثه إلى «عكاظ»- أن ما حدث في مطار أتاتورك محاولة من الإرهابيين لضرب السياحة في تركيا بعدما أصبحت واجهة سياحية مفضلة من العرب والغرب بعد أن دمّر الربيع العربي السياحة في أغلب الدول العربية. بعد يومين من انفجارات المطار .. عاد بحري إلى نشاطه اليومي أمام البوابة في انتظار فوج من السياح القادمين من السعودية. عاد إلى مكان التفجيرات دون خوف أو وجل، مؤكدا: «الحياة تستمر ، والمجرمون إلى زوال، هؤلاء يسيئون إلى الإسلام السمح، الشريعة منهم براء، فالمسلم لا يقتل أخاه في الإنسانية». يزور بحري مطار أتاتورك بشكل يومي لاستقبال العائلات السعودية ويقضي معهم فترة إجازتهم في إسطنبول، غير أن ما حدث يوم التفجير لم يكن في حسبانه. ويروي قصته ل «عكاظ»: نسقت معي عائلتان سعوديتان قادمتان من مكةالمكرمة لاستقبلها في المطار، كان من المقرر وصولهما يوم الثلاثاء الساعة الثامنة مساء على متن رحلة الخطوط السعودية القادمة من جدة ورقمها 261، رن هاتفي النقال في تمام الساعة الثامنة والنصف ليخبرني الصديقان أنهما أجلا رحلتهما إلى اليوم الثاني لظروف خاصة. امتعضت وغضبت لأنهما لم يخبراني ما عزما عليه قبل وقت كاف كان سيغنيني عن المشوار الطويل للمطار.. فخرجت من بوابة المطار في اتجاه مواقف السيارات وقد قررت العودة إلى حيث أتيت في انتظار رحلة القدوم للسعوديين القادمين من جدة في مساء اليوم التالي. يضيف بحري : بعد تحركي بثوانٍ شاهدت رجالا مسلحين يركضون من منطقة المواقف إلى بوابة الدخول، كانوا ستة اقتحموا البوابة وأطلقوا النار على رجال أمن المطار المتمركزين خلف البوابة الرئيسية. رأيت الجنود يسقطون وتوزع الإرهابيون في الصالة لإنفاذ جريمتهم، هرع رجال الأمن لملاحقتهم إلا أن أربعة غابوا وسط الزحام ولم يتم العثور عليهم، فيما تمت ملاحقة أحدهم وإصابته، لكنه نجح في فتح حزامه الناسف ونسف نفسه وقتل الأبرياء. أحد الإرهابيين كان قريبا من بوابة الخروج، ولم يستطع الهرب وفجر نفسه هناك وفي الموقع ذاته تعرض السعوديون للأذى لأن الاعتداء الآثم تزامن مع خروجهم من المطار بعد استلام أمتعتهم. يواصل المرشد السياحي التركي بحري ويضيف: توقعت من فهد السرواني وراجح الكبكبي وأسرتيهما إلغاء سفرهم إلى تركيا، ففوجئت باتصال يخبراني فيه أنهما وأسرتاهما قادمون في اليوم التالي في التوقيت ذاته. وأضاف: وصلوا بسلام في طائرة شبه فارغة بعدما ألغى كثيرون رحلات السياحة إلى تركيا بعد التفجيرات الإرهابية الآثمة.