وصف خبراء اقتصاد عرب، رؤية المملكة 2030، التي تم إعلانها، وتضمنت خططا واسعة من بينها برامج اقتصادية واجتماعية وتنموية تستهدف تجهيز المملكة لمرحلة ما بعد النفط، بأنها متوازنة في مجملها نسبة إلى سنوات تنفيذها فضلا عن أنها مرتبطة بالضرورات الاقتصادية، لتنويع مصادر الدخل والتمويل، وإعادة ترتيب استغلال الموارد الطبيعة المتاحة في الواقت الراهن أو مستقبلا. وأوضح نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار الخبير الاقتصادي محسن عادل ل«عكاظ»، أن أول القطاعات الاقتصادية التي ستشهد انعكاسا لهذه الرؤية هو البورصة السعودية، التي تشكل واحدة من البورصات المهمة جدا على مستوى البورصات العربية لما تمتلكه من بنية تكنولوجية، والتي كانت تعاني من ارتفاع معامل الارتباط بين مؤشراتها وأسعار البترول، إضافة إلى انخفاض عدد الشركات المقيدة التي يبلغ عددها نحو 118 شركة. ومن خلال الرؤية الجديدة، تتجه المملكة لطرح حصص من أسهم أكبر شركاتها «أرامكو» للبترول، وهذه الخطوة ستسهم في رفع الجاذبية الاستثمارية للبورصة وزيادة حجم التداول بها، مشيرا إلى أن رؤية المملكة تضمنت زيادة الطاقة الاستيعابية لاستقبال ضيوف الرحمن المعتمرين من ثمانية ملايين إلى 30 مليون معتمر، لافتا إلى أنه سيؤدي ذلك إلى تنشيط القطاع السياحي، وكذلك المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الأمر الذي سوف يؤدي إلى طفرة اقتصادية، إلى جانب الصندوق السيادي الاقتصادي العملاق للمملكة. وتوقع عادل أن تصب رؤية المملكة في استغلال الموارد كافة المتاحة إلى أن تصبح المملكة واحدة من دول الريادة الاقتصادية، بعيدا عن النفط، على الرغم من أنها لا زالت من أكبر الدول المنتجة للنفط على مستوى العالم. وأشار مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية الدكتور عبدالمنعم السيد، إلى أن هناك العديد من الخطوات والأهداف الجريئة التي تضمنتها رؤية المملكة 2030، وفي مقدمتها تحقيق إيرادات غير نفطية ب267 مليار دولار سنويا، فيما تضمنت أهدافها ثلاثة تقسيمات توزعت بين اقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي ووطن طموح، واندرج تحت كل منها أهداف فرعية. وتشمل الرؤية إصلاحات جذرية في قطاعات مختلفة، وتشكل خطة تهدف لتحرير اقتصاد المملكة من الاعتماد على النفط على نطاق واسع، من خلال رفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من إجمالي الناتج المحلي من 3.8 % إلى المعدل العالمي 7.5 %، ورفع حجم الاقتصاد وانتقاله من المرتبة 19 إلى المرتبة 15 على مستوى العالم. وبحسب الرؤية، فالسعودية تسعى لارتفاع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي من 20 % إلى 35 %، ورفع مساهمة القطاع غير الربحي في إجمالي الناتج المحلي من أقل من 1 % إلى 5 %. وأكد السيد، أن المعطيات السابقة ليست وليدة اليوم إنما هي نتاج فريق عمل موسع درس جيدا نقاط الخلل في الاقتصاد السعودي، ووضع لها العلاج اللازم، كما أن معظم الأهداف التي تضمنتها الرؤية تتميز بالمرونة والتوزاي، وترجمة فعلية لضرورات اقتصادية فرضتها أزمة انخفاض أسعار النفط أخيرا. من جهة أخرى، أكد خبراء لبنانيون أن الرؤية الاقتصادية للمملكة «2030» سيكون لها الأثر الإيجابي على اقتصاد ومستقبل المملكة والاقتصاد العربي بشكل عام، وسوف تؤهلها لكي تكون من الدول القيادية الرائدة في المنطقة والعالم على كافة الأصعدة. وزير المال السابق جهاد أزعور قال ل«عكاظ»: «إن الرؤية السعودية 2030 هي عملية تحول كبيرة جدا بالاقتصاد السعودي وهي خطة جريئة وشاملة وليست فقط ترتبط بموضوع النفط والموضوع المالي والاقتصادي، إنما لها علاقة بالموضوع الإنساني والتربية والتعليم والبيئة». واعتبر أزعور «أن هذه الخطة وضعت معايير لتقييم الأداء وفق برنامج عمل يساهم في مراقبة وتقييم نجاح أو فشل هذه الخطة خلال خمس سنوات، ومن الممكن أن تعتمد بعض الدول العربية هذه الخطة من أجل النهوض بالاقتصاد العربي بشكل عام». أما في ما يتعلق بالصندوق السيادي، رأى أزعور «أنه سيكون أكبر صندوق سيادي في العالم (نحو 2 إلى 3 تريليونات دولار) وهذه خطوة مميزة وتم وضع آلية لإدارته بطريقة شفافة». وأشار إلى أن «العائدات النفطية مرتبطة بالمخزون النفطي وتنوع الاستثمارات المقترحة وطول عمر الاستفادة من الثروة النفطية، وتؤمن على المدى الطويل الاستقرار الاقتصادي». من جهته، رئيس هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية السعودية إيلي رزق قال ل«عكاظ»: «إن ما قام به ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نقلة نوعية وتاريخية للسياسات المتبعة في المملكة العربية السعودية ستؤهلها بأن تكون من الدول القيادية الرائدة في المنطقة». واعتبر رزق، أن الرؤية تعبر عن طموحات وآمال الشعب السعودي وتعكس الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها المملكة من موارد طبيعية والمواهب التي يتمتع بها المواطن السعودي والتي تتميز بالإبداع والتفوق. وفي ما يتعلق بالصندوق السيادي، لفت رزق ل«عكاظ» إلى أنه «يحافظ على اقتصاديات المملكة ويعطيها استقلالية عن تقلبات وتطورات النفط التي لا يمكن التنبؤ بها على المدى الطويل، والتي كانت السبب الأساس في انهيار العديد من اقتصاديات المنطقة». وختم بالقول: «الصندوق السيادي يعطي استقلالية اقتصادية واستقرارا واطمئنانا لإمكانية الاستثمار على المدى المتوسط والبعيد والتغلب على التحديات التي تواجهها المنطقة نتيجة تدني أسعار النفط وعدم استقرار الأسعار».