حين ينفي رئيس اللجنة الوطنية للمعادن الثمينة والأحجار الكريمة بمجلس الغرف السعودية عقد أي اجتماعات مع وزارة العمل بخصوص تأنيث محلات الذهب والمجوهرات في السنتين الماضيتين فإن لنا أن نرى في لغة نفيه ما يشبه البراءة من شبهة عقد أي اجتماع بشأن هذا الأمر، وله أن يبرأ مما يشاء غير أن ليس له أن يقنعنا بموافقته حين يحاول تفسير عدم إتاحة الفرصة للنساء بالعمل في محلات بيع الذهب والمجوهرات بحجة (أن المرأة غير قادرة على حماية نفسها من التحرش فكيف بإمكانها حماية محلات تحوي مليارات الريالات)، ذلك أن موافقته على ما يقول تعني أن علينا أن نتصور أن العاملين في هذه المحلات من الرجال إنما هم أبطال في التايكوندو أو الكاراتيه أو أنهم يخفون وراء منصات عرض الذهب والمجوهرات رشاشات كلاشينكوف وقنابل مولتوف وقاذفات آر بي جي، وكل المهارات والإمكانات التي تمكنهم دون النساء من حماية محلات الذهب التي يعملون فيها. والسيد رئيس اللجنة الوطنية للمعادن الثمينة والمجوهرات، التي يبدو أنها لجنة لحماية المعادن من عمل المرأة، يجهل أو يتجاهل أن حماية هذه المتاجر ليست مسؤولية البائعين فيها وإنما هي مسؤولية الأمن العام من جهة إضافة إلى مسؤولية شركات الحراسات الأمنية وآلياتها، وهي الشركات التي يجب أن تتعاقد معها محلات بيع هذه المعادن، وذلك ليس لحماية مجوهراتهم التي هم حريصون عليها وإنما حماية للعاملين في هذه المحلات ممن المجتمع أكثر حرصا على حماية أرواحهم. وحين يحاول السيد رئيس اللجنة دعم ما يراه بالحديث عن ضيق مسار البائعين في محلات الذهب والمجوهرات مما يجعله غير صالح لعمل المرأة إذا كان معها زميل يشاركها العمل في المحل نفسه فإنه يجعل من إعادة تأهيل المسار أمرا مستحيلا رغم أنه يعلم أن أسواقا بأكملها تمت إعادة تأهيلها لكي تصبح ملائمة لعمل المرأة فيها. حديث رئيس لجنة المعادن والأحجار عن ضعف المرأة وعجزها والاختلاط وأخطاره وعجزه عن التفكير في حلول ملائمة حديث ينتمي لمرحلة تجاوزناها ويعجز عن مواكبة ما نحياه، فضلا عن تطلعات وطن يرسم خطواته الثابتة باتجاه تحقيق رؤيته الشاملة لتطوير كافة جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.