التحذير الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لإيران خلال اجتماعه أمس الأول في الرياض مع الرئيس قربان قولي محمدوف رئيس تركمانستان، من التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ودعم الميليشيات والأحزاب المسلحة، لم يكن الأول ولن يكون الأخير، خصوصا في ظل استمرار نظام طهران في سياسته العدائية لجيرانه، وأطماعه التوسعية، وأحلامه الواهمة بالتمدد الفارسي في المنطقة، وتصدير فكرهم المضلل للآخرين. وتأتي تحذيرات الملك سلمان منسجمة مع ما تضمنه البيان الصادر عن أعمال القمة ال13 لمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول أخيرا، الذي أكد على أن تكون علاقات التعاون بين الدول الإسلامية وإيران قائمة على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام استقلالها وسيادتها ووحدة أراضيها. وذات الموقف أكده الملك سلمان وبحزم قاطع لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري عندما طلب في زيارة سابقة للرياض، وقف إطلاق النار في اليمن ومفاوضة إيران، إذ أجابه «لا تفاوض مع إيران.. ومع هكذا وضع يجب إظهار العزم والقوة»، مشددا «إن زمن التأني والمفاوضات والإرضاء والدبلوماسية قد ولى مع إيران وكل حلفائها». وظل خادم الحرمين الشريفين في لقاءاته مع الرئيس الأمريكي وأركان حكومته، واضحا وشفافا إزاء التوغل الإيراني «السافر» في المنطقة العربية. خصوصا أنه بات يهدد أربع دول عربية هذه المرة، على رأسها سورية التي تحولت مدنها وشوارعها إلى برك من الدم، دون أن يتحرك المجتمع الدولي لمعاقبة نظام ملالي طهران الذي يشارك علنا في تنفيذ هذه المأساة، بل كافأهم الغرب بصفقات حول برنامجهم النووي الذي يهدد المنطقة العربية عموما. وأكد الملك سلمان من خلال «عاصفة الحزم» التي فاجأ بها العالم، أن المملكة تظل الشقيق الأكبر للدول العربية كافة، وبإمكانها أن تواجه إيران وتمددها، بمفردها أو بالتحالف مع بعض الدول العربية والإسلامية الأخرى. ومن أبرز الرسائل التي تضمنتها «عاصفة الحزم»، أن أي اتفاق (أمريكي - إيراني) على حساب الأمن العربي يمكن أن يقلب الطاولة الدبلوماسية رأسا على عقب، وليس كما كانت تتوهم الإدارة الأمريكية في أنها هي من تتحكم في حلول المشكلات العربية الخليجية - الإيرانية. ومن بعد التحالف العربي في «عاصفة الحزم»، أعلنت المملكة عن تشكيل تحالف عسكري إسلامي يضم حاليا 39 دولة، وأعقبته مناورات رعد الشمال بمشاركة قوات 20 دولة إضافة إلى قوات درع الجزيرة، في تأكيد جديد لقدرة الدول العربية والإسلامية على مواجهة أي خطر يتهددها دون الاعتماد على أي دولة كبرى. وحرص الملك سلمان عقب تسلمه دفة الحكم، على رسم سياسة سعودية أكثر حزماً للتعامل مع الخطر الإيراني، وفي مقابل ذلك يؤكد برنارد هيكل أستاذ دراسات الشرق الأدنى في جامعة برينستون، أنه سيتعين على الإيرانيين بذل مزيد من الجهد حتى يغير سياسته بشأنهم. وترى المملكة أن استمرار الدعم الإيراني للرئيس السوري «بشار الأسد»، وللحوثيين في اليمن، وتدخلاتها في الشؤون الداخلية لدول الجوار، يشكل عقبة أمام أي تقارب بين الرياضوطهران.