كانت بداية رحلة «قرينة المثقفين» من بلاد الأناضول في عهد السلطان سليمان القانوني عام 1540 للميلاد، إذ نقلت من اليمن إلى إسطنبول، فولع بها السلطان وباتت خليلة سهره ونديمة جلساته، ومن ثم بدأت في الانتشار في الأوساط الاجتماعية، عندما تبنتها الشامية، «شمس» والحلبي «حكم»، إذ أسس الزوجان أول مقهى للقهوة السوداء في القلعة الخشبية في إسطنبول، ونشر عبقها في كافة مقاهي الأراضي العثمانية، وأضحى يتردد عليها المثقفون والأعيان من الوزراء والولاة إلى أن تم تشكيل جمعية للقهوجيين، وسمي «قهوجي باشي» رئيسا لها. باتت «القهوة السوداء» نديمة المثقفين وقرينة إلهامهم حتى امتزجت بكتاباتهم فتغزل بها «شاعر المرأة والحب» نزار قباني قائلا (والقهوةُ أنثى شهية اللون والرائحة، عذبة المزاج صباحية الأشواق تداعب قلب العاشق ببطء، وترفع نسبة الحنين في دمه لتتركه معلقا بين أحضان حلمه ونشوة حقيقته هكذا لموعد فنجانه الآخر في صباحهِ التالي). فاستمرت علاقة القهوة بالمثقفين تزداد يوما إثر يوم حتى باتت سخرية الشاعر وأصبح لا يذكر أحدهما إلا ويذكر الآخر فبمجرد ذكر القهوة السوداء تتغلغل إلى الأذهان شخصية المثقف. يقول الشاعر محمد السعدي إن العلاقة بين القهوة والأدب منذ الأزل، فبدأت مع ولادة القهوة قبل قرون، بل إن القهوة ولدت في حضن الثقافة في أول زمانها، إذا سلمنا بالروايات التي تقول بولادتها في بيئة صوفية. ومن جهته، أكد الكاتب أحمد عسيري أن القهوة هي مزاج وليس لها علاقة بالمثقفين أو الثقافة وهناك العديد من المثقفين لا يتناولون القهوة ولا أي نوع من المنبهات وسبب الربط بين المثقفين والقهوة هو التصوير في وسائل التواصل الاجتماعي وهي ما عزز لهذا التوجه.