مع تأسيس الدولة البهلوية في عام 1925م، كان احتلال إمارة عربستان وعاصمتها المحمرة، من أول الأعمال التي قام بها رضا شاه بهلوي، بعد اعتقال أميرها خزعل بن جابر الكعبي، في تآمر واضح مع الاستعمار البريطاني آنذاك،إذ تم الاعتقال في فخ تم التخطيط له بإحكام على متن سفينة، ثم تم نقله إلى طهران ليبقى في السجن حتى وفاته في عام 1936م. تعتبر عربستان أو الأحواز (أصبح يطلق عليها حاليا خوزستان) سلة الغذاء في إيران حيث المحاصيل الزراعية المتنوعة ومنبع الماء،حيث نهر كارون المتدفق، والذي تم تحويله إلى العمق الفارسي في أصفهان وإقليم فارس، والأهم من ذلك خزان ثروة النفط والغاز في إيران إذ تحتوي أراضي الإمارة على قرابة 90% من إجمالي كميات النفط في إيران. لقد عمل النظام الإيراني الشاهنشاهي ثم اللاهوتي الحالي على نزع الهوية العربية عن هذه الأرض العربية المحتلة، وعمل على طمس معالمها انطلاقا من أسماء المدن والقرى، إلى مسميات فارسية ثم تغيير التركيبة الديموغرافية للبلاد من خلال عملية تهجير للمواطنين العرب،إلى مدن ومحافظات إيران المختلفة وفي المقابل خلق هجرة وتوطين فارسي في المدن العربية والعمل على إضعاف اللغة والهوية العربيتين وإحلال الفارسية مكانها في إطار عمل مؤسسي كشفت عنه وثائق تم تسريبها من مكتب رئيس الجمهورية الأسبق محمد خاتمي. إن ما قد يغيب عن كثيرين هو أن الانتماء المذهبي الشيعي لغالبية أبناء الأحواز العربية، لم يشفع لهم أمام النظام الإيراني الذي يرفع شعار الدفاع عنهم، في كل أنحاء العالم فكيف يكون ذلك وهو يضطهدهم في الداخل لا لشيء إلا بسبب انتمائهم العرقي العربي. ولقد شهدنا العديد من حالات الاعتقال بل والإعدام لبعض الشباب العربي الأحوازي لأسباب ثقافية عبروا فيها عن انتمائهم الحضاري والثقافي والتاريخي فتم التنكيل بالشعراء والأدباء والمثقفين، كما تم الاعتداء على المواقع الأثرية التي ترمز إلى عروبة هذه الأرض مثل قصور أمراء عربستان منذ حقبة المشعشعين حتى الشيخ خزعل. لقد تجاهل الإعلام العربي حق هذا الشعب المسلوب وبقية الشعوب غير الفارسية، في إيران كالبلوش والآذريين والأكراد والتركمان، وغيرهم في مقابل هجوم إيراني شرس على الدول والشعوب العربية في العراق وسورية ولبنان واليمن والكويت والبحرين، وتهريب الأسلحة والمتفجرات وزرع خلايا التجسس والإرهاب في هذه الدول، والسؤال هنا أليس من العدل والانصاف دحر هذه التدخلات الإيرانية من خلال، على أقل تقدير، مناصرة تلك الشعوب المضطهدة إعلاميا وسياسيا وثقافيا؟ ونحن نعيش هذه الأيام ذكرى احتلال الأحواز التي تم اقتطاعها من الجسد العربي قبل الأراضي الفلسطينية بنحو 23 عاما وتكبر مساحة فلسطين الجريحة أضعافا مضاعفة، فإن المسؤولية كبيرة على وسائل الإعلام والساسة لنقل هذه القضية إلى المنظمات الدولية، وعرض معاناة الشعب الأحوازي على هيئات حقوق الإنسان وحقوق الأقليات لدعم هذا الشعب الذي احتلت أرضه ونهبت خيراته وأصبح يحتل المركز الأول على مستوى إيران من حيث الفقر والبطالة وسوء الخدمات وضعف البنية التحتية على الرغم من أن النفط والغاز يتدفقان تحت أقدام هذه الشعب المغلوب على أمره وتنقل خيرات أرضه إلى العمق الفارسي والأخطر تحولها إلى رصاص وقنابل وبنادق في صدور العرب في المنطقة.