يفيض الورد بعبقه وألوانه على أطراف مدينة الطائف الحالمة بدءا من اليوم الجمعة، إذ تبتهج عروس المصائف السعودية بانطلاق مهرجانها السنوي الدولي العريق، الذي يدشنه مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة خالد الفيصل، وسط أجواء ربيعية حالمة تماهت معها روائح الورد الطائفي ومناظره الخاطفة للبصر. ويترقب السعوديون الحدث بكثير من الاهتمام وقد أضحى قبلة للباحثين عن الروائح الزكية ومستخلصات هذا المنتج الذي ارتبط والطائف ومزارعيه والمستمثرين فيه بشكل خاص. وفيما تقفز إلى الذاكرة أيام هذا الكرنفال العطري الأول ويتجادل المؤرخون حول انطلاقته، يكشف المؤرخ والباحث حماد السالمي ل«عكاظ» عن تاريخه القديم بالقول: «وفق الروايات التاريخية فإن هذا المهرجان يعود إلى 200 عام، وليس صحيحا ما يتم تداوله بأن الورد الطائفي اكتشف قبل الإسلام». ولفت السالمي إلى أنه في عام 1834 زار الطائف رحالة فرنسي هو موريس تاميزيه مع الحملة المصرية فذكر في رحلته عن الطائف أشجار التين والتوت والجميز واللوز والخوخ والرمان والنخيل ودوالي العنب والقرع والبطيخ والشمام والخيار والملوخية والبامية، وزار الهدا ووصفها جيدا وذكر شهرتها بالفاكهة مثل الطائف لكنه لم يذكر شيئا عن الورد. واستعاد السالمي ما أحصاه الاصمعي ل16 نوعا من العنب الطائفي في كتابه «النخل والكرم»، وبكل أوصافها وأحجامها وألوانها وما صغر منها وما عظم، وقال: «هذا أمر مشهود للطائف منذ ما قبل الإسلام لكن مع ذلك لم يرد ذكر للورد في كتابه هذا ولا في غيره من مروياته عن الطائف وهي كثيرة». وخلال الأيام الماضية شهدت مزارع ومصانع الورد في الطائف، قطاف الورد ويستمر 40 يوما، ويواكبه زخم كبير من الزيارات التي يحرص عليها عدد كبير من زوار ومصطافي المحافظة للمعرفة والاطلاع على كيفية القطاف وتقطيره واستخلاص العطر والدهن الطبيعي منه، ويتابع الزائرون بشغف ساعات الفجر الأولى التي يهب فيه المزارعون وهم يحملون القطف على أكتافهم بين الحقول الوردية والأغصان التي يتسرب منها الضوء. حتى لا يكاد يهدأ هاتف المرشد السياحي في المحافظة أحمد الجعيد من اتصالاتهم لمعرفة المواقع السياحية والمزارع ومصانع الورود ودائما ما يكونون على موعد مبكر معه.