كل واحد مننا لربما مر بمثل هذا السيناريو سواء كطرح في المجالس أو في الإعلام، وهو منظر يتكرر دون ملل !! على سبيل المثال: إن تحدثت عن قيادة المرأة للسيارة قيل لك هذا موضوع سخيف فهناك ماهو أهم، لم لا تتحدث عن حقوق الأرامل والمطلقات. إن تحدثت عن حقوق الأرامل قيل لك هناك ماهو أهم، لم لا تتحدث عن العنف الأسري. كما أنك لو تحدثت عن العنف الأسري قيل لك لم لا تتحدث عن الصحة. إن تحدثت عن الصحة قيل لك لم لا تتحدث عن البطالة. إن تحدثت عن البطالة قيل لك لم لا تتحدث عن الفقر. إن تحدثت عن الفقر قيل لك السكن أهم. إن تحدثت عن السكن قيل لك لم لا تتحدث عن الفساد وهو أس كل المشكلات. ويستمر الجدل حول الأهم والمهم و.... السخيف !! «فيستحيل» أن تطالب بحق أو تناقش قضية إلا ويتم ربطها ومقارنتها بحق أو قضية أخرى، ولهذا ما يتطلب الحصول عليه بيوم نحتاج «نحن» سنة للحصول عليه بسبب هذه التنافسية الوهمية. لا تعمل المطالبة بالحقوق بهذه الطريقة. وليس هناك حق أهم من حق، فلكل منا معاناته ولكل منا احتياجاته، فهناك شخص يكتب عن معاناة وشخص يتحدث في اختصاصه وشخص يكتب داعما لأي حق، ولهذا لا تلزم الآخرين بتبني أولوياتك. فمن الإجحاف أن تستهين بأولويات الآخرين وتعتبرها توافه، وتجبر الآخرين على تبني أولوياتك على أنها مهمة. فلهذا يضيع الوقت والجهد في مباراة تنافسية في تحديد أيهما أهم وأيهما تكتب عنه، ويضيع الوقت في تعريف ماهو مهم وماهو أقل أهمية. فالمفترض أن نعمل على مبدأ «ادعمها أو دعها»، فواجبنا دعم بعض في تأصيل الحقوق، فالمطلوب دعمها وأقل الإيمان هو أن لا تعترضها، وتدعها دون اعتراض. وقد يقول قائل: إذا هذه حقوق تراها غير مهمة ولم تقر بعد فكيف بالحقوق المهمة؟ لذا لنسع جميعا في إقرار «غير المهم» لتخلو الساحة للحقوق التي تراها مهمة ! لهذا، المطالبة بالحقوق لا تخضع لتقييم أو لتنافس لتحديد الأولويات وإنما هي عملية تراكمية يشارك فيها الجميع متلمسين فيها حاجات بعض. فكما تدعم الآخرين في حقوقهم سيأتي الوقت ليساندوك في إقرار حقك. كما أن الحقوق لا تخضع لتصويت أو لرأي الأغلبية ولو كان كذلك لما كان هناك حقوق لذوي الحاجات الخاصة ! فمع الأسف رؤية الحقوق أنها تنافسية تؤخر ولا تنجز، ولهذا نرى بقاء كثير من الحقوق «المهم وغير المهم» معلقة بسبب التنافس في تحديد درجة أهميتها. وتشتيت الجهود وغياب الإجماع في دعمها لأنه كما يرى البعض هناك ماهو «أهم». رغم أننا لم نكتشف هذا «الأهم» بعد !! والمحزن أننا نختلف في تعريف ماهو الحق !! تغريدة: ليس هناك قضية «سخيفة» أو غير سخيفة، ولكن سر سخافتها هو بقاؤها معلقة فترة طويلة دون حسم.