كان حوارا مهما ذلك الذي أجراه الزميل جميل الذيابي مع الرئيس اليمني الشرعي عبد ربه منصور هادي ونشرته الصحيفة يوم أمس، من حيث أنه الحديث الصحفي الأشمل الذي يدلي به الرئيس منذ اندلاع الأزمة اليمنية ويتطرق فيه إلى كثير من الجوانب الهامة التي كانت ومازالت مثيرة للتساؤلات، كما أنه كشف بعض الملابسات التي اكتنفت أحداثا جرت قبل وبعد الانقلاب على الشرعية من قبل الحوثيين وعلي صالح، والتي كانت لا تزيد عن استنتاجات محتملة لدى المتابعين للشأن اليمني فجاء الرئيس هادي ليؤكدها ويضيف لها معلومات جديدة لتصبح حقائق تفسر كثيرا مما يحدث في اليمن. مازال البعض يرى أن عاصفة الحزم كان يمكن استبدالها بحلول أخرى، وأن التدخل الإيراني في اليمن ومشروع إيران طويل المدى عبر الساحة اليمنية مسألة فيها قدر من المبالغة والتضخيم رغم كل الحقائق والشواهد والأدلة الواضحة، لكن الرئيس هادي أكد ذلك وروى تفاصيل مهمة عن النوايا الإيرانية، بل الوجود الإيراني لتجهيز ودعم الحوثي منذ فترة سابقة طويلة، وكيف أن الهدف الإستراتيجي لإيران هو زعزعة أمن المملكة والخليج وبسط نفوذها على باب المندب للتحكم في اقتصاد وأمن دوله. وعندما يقول الرئيس أنه لو لم تبدأ عاصفة الحزم لأصبح اليمن ساحة إيرانية فإنه يشير إلى حقيقة خطيرة ومؤكدة يحاول البعض تبسيطها أو حتى عدم تصديقها متأثرين بما تروجه بعض وسائل الإعلام التي تتبنى مقولات إيران التي تحاول عبثا حجب الحقيقة بالتضليل والكذب. وبالتالي فإن الذين يرون أن الحرب استنزاف للمملكة كان بالإمكان تفاديه عليهم إعادة النظر في رأيهم لأنه لو تأخرت مبادرة عاصفة الحزم فإن الثمن على المدى الطويل سيكون مكلفا جدا والتبعات ستكون أسوأ. ومن الجوانب المهمة في حوار الرئيس هادي تأكيده على الدور السلبي الذي قامت به الأممالمتحدة عبر وسيطيها، السابق جمال بن عمر والحالي ولد الشيخ إسماعيل، ليؤكد المؤكد بأن لهذه المنظمة السيئة دورا كبيرا في تعقيد الأزمة اليمنية، فبينما شرعن الأول وجود المتمردين الحوثيين وساهم بشكل كبير في تقويتهم معنويا ليزحفوا باتجاه صنعاء وبقية اليمن، فإن الثاني لم يقدم شيئا غير إعطاء مزيد من الوقت للمنقلبين على الشرعية ومسانديهم للعبث بمستقبل اليمن وإدخاله في نفق مظلم. كل مراقب لأدوار الأممالمتحدة في الأزمات التي اجتاحت بلدانا عربية يجد أن الدور الأممي هو تكريس لمشروع الفتنة والحروب الأهلية والتقسيم والتفتيت وتحويل المنطقة إلى فوضى لا تنتهي، ومن ذلك نخرج بنتيجة مفادها أننا لو عولنا على الأممالمتحدة وانتظرناها لكان الخراب أكبر والنتيجة أسوأ مما هي الآن. وبالتالي لا يجب أن ننتظر في أي وقت حلولا من الذين خططوا للفوضى ونفذوها بشكل مباشر أو غير مباشر.