بقراءة مختصرة لمراحل تطور وسائل الإعلام المختلفة منذ ظهور الراديو، يتبين لنا أن كل وسيلة إعلام جديدة، تبدأ بتقليد النمط الشائع في الوسيلة التي سبقتها، دون أن تسعى لتوظيف قدراتها المبتكرة، فعندما ظهر التلفزيون، كانت أخباره في البداية تقليدا للراديو الذي كان الوسيلة الإعلامية السابقة له، ولم يكن هناك فرق بين أن تستمع إلى الأخبار في الراديو أو التلفزيون سوى أنك ترى المذيع وهو يقرأ. وبعد فترة بدأ رواد العمل التلفزيوني تدريجيا في الالتفات إلى أهمية تفعيل وتطوير الإمكانات الفريدة والمميزة للتلفزيون كوسيلة إعلام، فبدأ استخدام الصورة على نطاق واسع لتوصيل المعلومة ونقل المشاهد إلى جو الحدث، وتم تطوير تحرير الخبر ليناسب الكتابة للصورة المتحركة، نفس الأمر حدث مع الصحافة الإلكترونية خصوصا في العالم العربي، فقد كانت بواكيرها الأولى مجرد نسخ إلكترونية من الصحف الورقية، فهي تنشر في نفس وقت نشر الصحيفة الورقية، وتحرر بنفس صياغتها، وتتحكم فيها نفس السياسة التحريرية، وتهدف في الأغلب إلى مخاطبة ذات الجمهور. «ومع مرور سنوات قليلة تطورت الصحافة الإلكترونية فأصبح لها دورية صدور مختلفة في الأغلب عن الصحف الورقية، وطورت جمهورها الخاص الذي يحمل بالضرورة أجندة مختلفة، وطورت سياستها التحريرية تبعا لتغير الجمهور وطبيعته وعاداته، وطورت تقنياتها الخاصة مستفيدة من إمكانات الكمبيوتر وشبكة الإنترنت التي تجمع بين مميزات الصحيفة والراديو والكتاب والتلفزيون المحلي والفضائيات». وصارت الصحافة الإلكترونية بذلك تستخدم كل تقنيات وسائل الإعلام السابقة بشكل متكامل، وأضافت إلى ذلك كله ميزة «التفاعلية» التي تجعل القارئ شريكا إيجابيا في العملية الإعلامية، إذ يمكنه دائما أن يعلق مباشرة على ما يقرأ ليتحول الإعلام بحق إلى إعلام ذي اتجاهين «فالصحفي يعلم القارئ بالمعلومة وهو يعلمه برأيه»، كما بدأت بعض الصحف الأجنبية الشهيرة تجربة جديدة تتيح للقارئ أن يعيد تحرير الخبر على طريقته وينشره عبر صفحات موقعها الإلكتروني ليقرأ الجمهور ذات الخبر بأكثر من صيغة. ثروة سلام