عندما كلفنا من قبل رئيس التحرير بتغطية خاصة لرصد بطولات رجالنا البواسل على الحد الجنوبي، أدركنا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا من جهة، ومن جهة أخرى كانت تغمرنا السعادة بالتكليف الذي يتيح فرصة نادرة لنا للوقوف عن كثب على ما يبذله رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه للذود عن حياض الوطن وردع محاولات الحوثيين والمخلوع علي صالح العبثية. بدأنا على الفور التنسيق مع المتحدث الرسمي لقيادة حرس الحدود في منطقة نجران الرائد علي عبدالله القحطاني، الذي كان له دور بارز في تسهيل مهمتنا. وأعطتنا روحه العالية وثقته بما يتحقق من انتصارات على الحدود دافعا لخوض غمار المغامرة. فنحن نتعامل مع أحداث مهمة شعارها الصدق والأمانة والعزم والشجاعة، وتتطلب نقل التفاصيل كافة بالكلمة والصورة. كانت ساعة الانطلاقة السادسة صباح الأربعاء الرابع والعشرين من ربيع الآخر الماضي. ورغم شدة البرد وحالة الجو المتغيرة وخشيتي وزميلي المصور الزميل هادي آل دويس من تطورات قد تؤجل الجولة، إلا أن ابتسامة الترحيب من قبل الرائد علي عبدالله القحطاني أعطتنا إحساسا بأن الأمور طيبة وسنواصل رحلتنا على بركة الله. ساعة الانطلاق استقللنا سيارة عسكرية مجهزة، حيث كانت زيارة اليوم الأول للجولة مخصصة لقطاع سقام جنوب مدينة نجران، والذي يعتبر من أهم وأكبر المراكز الحدودية ويشتمل على مراكز وأبراج مراقبة عدة وتتخلله سهول وطرق جبيلة وعرة. في الطريق إلى القطاع أخذنا نتبادل الحديث عن الوضع الأمني في الشريط الحدودي والنقاط التي سوف نمر بها، فكانت الإجابة من قبل المتحدث الرسمي يغلفها التفاؤل والثقة، قائلا «سترون واقع الأبطال وروحهم العالية خلال ساعات». وحينها أدركنا أننا قادمون على صور عديدة لملاحم بطولية يقودها رجالنا في حرس الحدود مع زملائهم بالقطاعات العسكرية الأخرى من الجيش والحرس الوطني والمجاهدين. وصلنا إلى قطاع سقام وقبل الدخول إليه من الطبيعي أن تكون هناك نقاط تفتيش كإجراء روتيني في مثل هذه الأحداث، لكن رغم ذلك كانت البشاشة مرسومة على محيا كل الأفراد الذين قابلونا. أول محطة كانت أولى محطات جولتنا لقاء مع قائد قطاع سقام العقيد صالح عبدالله القحطاني، الذي بدوره رحب بنا. وحدثنا عن نقاط مهمة تختص بالقطاع ومهامه الإدارية والميدانية والدور الكبير الذي يقدمه لحماية أمن الحدود، وما يقدمه ضباط وأفراد القطاع مع زملائهم في القطاعات العسكرية الأخرى لردع المعتدين وتحقيق إنجازات بطولية سطرت بماء من ذهب. ولفت إلى أن قطاع سقام من أهم المراكز الحدودية لمساحته الجغرافية ومركزيته سواء إداريا أو ميدانيا. وتتخلله تضاريس جبلية وعرة صعبة وأودية وشعاب كثيرة. ويتبع له مجمع وخمسة مراكز وفصيلان. وله خطوط أمامية وأخرى خلفية. وأبان أن للقطاع جهودا بارزة في الحد من عمليات التسلل والتهريب، حيث أثمرت تلك الجهود أخيرا في إحباط تهريب نحو 35 طنا من الحشيش المخدر، وأكثر من 150 ألف متسلل. وحول جهود القطاع للقبض على مستقبلي المخدرات المهربة في داخل الوطن أفاد العقيد القحطاني أنه تم بمتابعة حثيثة لرجال حرس الحدود القبض أخيرا على مجموعة كبيرة من المستقبلين في الداخل تضم نحو 90 من المواطنين والمقيمين بجريمة استقبال المهربين ومساعدتهم على التهريب والمشاركة فيه، مبينا أن المضبوطات مع هؤلاء المهربين تشتمل على الحشيش المخدر، الحبوب المخدرة وبعض الأسلحة. دور بارز وردا على سؤال عن الدور الذي يضطلع به قطاع سقام في التصدي لمحاولات الحوثيين وحلفائهم من أتباع المخلوع علي صالح الاقتراب من حدود الوطن، قال إن لقطاع حرس الحدود في سقام دورا كبيرا وبارزا في الذود عن الوطن بمشاركة باقي القطاعات العسكرية، مضيفا: «أصبحنا نشاركهم في الخطوط الأمامية. ففي السابق كنا نكتفي بنقاط معينة ونسلم الدور للقوات البرية، لكن الآن تتواجد قوات حرس الحدود في الخطوط الأمامية من خلال دوريات مستمرة ورقابة وفاعلية تامة بالكاميرات الحرارية الليلية والأنظمة الحراية المتحركة والثابتة والمحمولة، لرصد ومتابعة أي حالة تسلل أو هجوم وذلك بمشاركة القوات البرية. وضباط وأفراد حرس الحدود يواصلون بكل تفان وشجاعة جهودهم البطولية لردع أي متسلل يفكر أن يتجاوز الخطوط الحمراء لحدود المملكة. وفي سبيل تحقيق هذا الهدف قدموا الشهداء فداء للوطن. مرحلة متطورة وفيما يتعلق بتجهيزات قوات حرس الحدود قال العقيد القحطاني: «وصلنا بفضل الله إلى مرحلة متطورة إضافية من خلال توفير أسلحة نوعية من ضمنها مدفع عيار 20 وقذائف الآر بي جي بالإضافة إلى بعض القنابل البندقية 36 ورشاش قناصة عيار 50 ورشاش قناصة شتاير. وهناك توجه بمضاعفة التجهيزات وتوفير كافة الإمكانيات التي يحتاجها رجال حرس الحدود». عقب لقائنا مع قائد قطاع سقام تجولنا داخل القطاع، حيث شاهدنا في سجن القطاع مجموعة من المتسللين الأفارقة الذين تم القبض عليهم أخيرا، وسيارات تتبع لمواطنين تم ضبطهم بسبب استقبالهم مهربين. وكان مسؤول السجن وعدد من الأفراد يضطلعون بمهمتهم الرئيسية في الحراسة ومتابعة السجناء. والتقينا داخل المكاتب الإدارية للقطاع بعدد من الأفراد يزاولون مهماتهم وأعمالهم بروح معنوية مرتفعة.