تواصلت «عكاظ» مع الصوت الشعري السعودي المشارك الوحيد في «كتاب» الدار البيضاء، وطرحت عليها عددا من الأسئلة حول مشاركتها، وذكرت أن النتاج السعودي لم يمثل ما توصل إليه، وقالت هيلدا إسماعيل إن الشعر جاء في حلته النثرية، وإليكم نص الحوار. كيف ترى شاعرة الأيقونات المشاركة السعودية في «كتاب» الدار البيضاء؟ تشجعت على قبول الدعوة الكريمة والمشاركة هذه المرة ربما لأنني كنت أتوق دوما لكل ما هو مغربي، وحصتي من الحلم بزيارة هذا البلد كانت شاسعة جدا ومحرضة بكل أبعادها الجمالية، ولكن بالتأكيد معرض الكتاب الدولي بالدار البيضاء يتميز بقوة برنامجه الثقافي بالنظر إلى ما يتضمنه من أطياف وأجيال مختلفة، وما يتيحه من فرصة للتواصل مع توجهات ثقافية متنوعة تحتضنها الفعاليات، وكنت أتمنى أن تكون مساحة التمثيل السعودي أكبر مما بدت عليه، ولكن يبدو أن للقائمين على البرنامج رؤيتهم بحيث تشمل أصوات من جميع أنحاء العالم العربي. أما إذا كان الحديث عن الكتاب السعودي فمن خلال زياراتي المتعددة للمعرض لم أجد ذلك الحضور الذي يمثل حقيقة الإنتاج الفكري والأدبي للسعودية، توجد عينات بسيطة لكنها لا تعكس طبيعة الحركة الثقافية على الرغم من وجود أو حضور دور النشر، ولهذا أحيي الأدباء والمهتمين الذين حضروا بمبادرات فردية. من خلال وجودك كصوت شعري وحيد من السعودية، كيف ترين الحضور الشعري السعودي في المغرب؟ المثقف المغربي مطلع على جانب من التجربة الشعرية لدينا، سواء على مستوى الأصوات أو الإصدارات، وقد لمست هذا الاطلاع من خلال التواصل المباشر مع بعض المتابعين وسؤالهم بشكل شخصي عن بعض الأسماء ولكن التجربة بمجملها لم ألاحظ أنها مطروحة للبحث النقدي، أو المعرفة والدراسة، وقد يكون هذا ناتجا عن قصور في إيصال الصوت الشعري السعودي بصورته التي ينبغي أن يكون عليها. كيف كانت القصائد الملقاة؟ هل كانت تنحاز لنوع معين من الشعر؟ كقصيدة النثر أو التفعيلة أو العمودي؟ ولماذا من وجهة نظرك؟ لاحظت وجود مشتركات بين مجمل الشعراء المشاركين بالأمسية، حيث كانت القصائد بالمجمل نثرية وتميل للبوح الذاتي والإيقاعات الخفيفة كما في قصائد فاطمة الزهراء بنيس الملقبة بحمامة تطوان، وقصائد عبدالرحيم الخصار التي تميزت بكثافة الصور الشعرية وعمقها، أما صوت خديجة اورهال فقد كان يصدح بموسيقى اللغة الأمازيغية المعبرة بالنبرة والإحساس الدافئ. ما انطباعك عن «كتاب» الدار البيضاء؟ سمة المعرض ثقافية أكثر من كونها تجارية، فالكتب المعروضة توحي بالثقل النوعي والمعرفي وحركة البيع والشراء ليس فيها ذلك التدافع، حيث تفاجأت بأن لكل نشاط إنساني نصيبه وبشكل منظم ومرتب وجاد، فمثلا أجنحة الأطفال ليست للكتب فقط بل هناك حلقات تمثيل وأداء درامي ومسرحي وغنائي عبر خبراء في السرد والقص والغناء والموسيقى، كما تميز المعرض من وجهة نظري بجناح الإعاقة حقوق ومواطنة الذي ضم بين جنباته جميع الدراسات والأبحاث والكتب التي أثرت المكتبة المغربية، وقد أدهشني أن هذا الجناح أيضا له برنامج ثقافي متوازن يشترك فيه نخبة من المفكرين الذين نعرف منهجياتهم ومنزلتهم الفكرية والأدبية للمشاركة بنشر ثقافة حقوق ذوي الإعاقة. الشعر كنشيد إنساني، هل شعرت بذلك أثناء تواجدك في الندوات الشعرية؟ مقدم أمسيتنا الدكتور يحيى عمارة قال في مستهل الأمسية إن الشعب الذي بلا قصائد هو شعب بلا روح، وهو محق في هذا الاستشهاد بالشاعر أوكتافيوباث لأن الشعر بالفعل هو رحيق الفكر الإنساني وهو الأمر الذي لمسته من خلال توق الجمهور لسماع النصوص واهتمام زوار المعرض باقتناء المجموعات الشعرية، أما أنا فقد توقفت عند جناح بيت الشعر المغربي ولاحظت أن مطبوعاتهم لا تقتصر على شعراء المغرب بل هناك ترجمات لنخبة من شعراء العالم ومجموعة من الدراسات النقدية المعنية بالشعر، ويبدو أن أهمية الشعر كأحد المقومات الجمالية ليست مجرد مصادفة أو إضافة بسيطة ليس في إمكانها إحداث أي تغيير، ولكن الشعر في المغرب أهميته تكمن في القدرة على الاستعانة به على الحياة وقساوتها، على ترميم العالم وصناعة الإنسان المستقبلي القادر على الحلم وتخطي الهموم ورتق الفجوات والفقر والجراح.