«هيئة الإحصاء»: ارتفاع 3.6% للرقم القياسي لأسعار العقارات في الربع الرابع من 2024    انجاز 118 مشروعًا بأكثر من 5 مليارات ريال في 2024م    انخفاض لدرجات الحرارة وفرصة هطول أمطار لعدة مناطق    5 محدّدات لرُخص الآبار الجديدة في الدرع العربي    «إعجابات الأصدقاء».. إنستقرام تعيد خاصية قديمة    حديقة وطرق المهد.. ألعاب خطرة وشوارع رديئة    شيخ قبائل المنابهة في عنزة السورية ل«عكاظ»: حمص تجاوزت الفتنة.. ولا عودة ل«حزب الله»    «إسرائيل» تعترض صاروخاً من اليمن    «الراجحي» حقق حلم السنوات ال10    التايكوندو يحتفي بالدوليين    يا علي صحت بالصوت الرفيع!    في الشباك    فعاليات شتوية    أمطار الشتاء تنقذ تونس من حالة الطوارئ المائية    المملكة.. بوصلة العالم    مليار و700 مليون وحدة بيانات تصنف المدارس ل4 مستويات    معلم سعودي ضمن الأفضل عالمياً    «عين السيح».. تأسر عشاق التراث    الاكتئاب المبتسم.. القاتل الصامت    الذكاء الاصطناعي يحتال بشخصية براد بيت    أكدت على الحقوق الفلسطينية وأشادت بجهود الوسطاء.. المملكة ترحب باتفاق وقف النار في قطاع غزة    مقررون أمميون يدعون لتطبيق وقف إطلاق النار في غزة    ضبط أكثر من 21 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    الهلال يقترب من ضم موهبة برازيلية جديدة    سيتي يضم مرموش ويجدد لهالاند ويفقد ووكر    الألمعي تعبر عن شخصية جازان    علاقة الاقتصاد بارتفاع الطلاق    تاريخ حي الطريف    تعزيز الفرص الاستثمارية في منظومة خدمات الحج    السديس: لحظة تاريخية استثنائية.. إطلاق أكبر هيكلة تنظيمية برئاسة الشؤون الدينية في الحرمين    المملكة تحتضن معرض التحوّل الصناعي العالمي    تفوق الجراحة الروبوتية في عمليات الكبد    خطر منتجات النظافة الشخصية على الصحة    تناول الشاي الأخضر بانتظام يقي من الخرف    ميزات زر قفل iPhone    أحزمة مذنبات بأشكال متنوعة    مُسلّح يغتال قاضيين في طهران وينتحر    كل أمر حادث هو حالة جديدة    الأمير فيصل بن سلمان يكرم عائلة أمين الريحاني بسيف صنع في السعودية    عميل لا يعلم    المملكة توزّع مواد إغاثية متنوعة في سوريا    رون ولي وماتياس    سالم الدوسري يحقق جائزة أفضل رياضي لعام 2024 ضمن جوائز «جوي أوورد»    دور المرأة في قطاع التعدين بالمملكة.. الواقع والطموح    تأثيرات صحية لاستخدام الباراسيتامول بانتظام    الجامعة في القصر    الوحدة الوطنية    الشيخ الثبيتي: لا تطغوا بعلمكم ولا تغتروا بقوتكم    الشيخ السديس: حصّنوا أنفسكم وأولادكم بالأوْرَاد الشَّرْعِية    تطوير منصة موحدة للنقل في مكة المكرمة    رصد طائر البوم «الفرعوني» في شرق عرعر    ضبط مواطن في عسير لترويجه (5,838) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي    2100 حالة ضبط خلال أسبوع في المنافذ الجمركية    الرئاسة العامة تشارك بورشة عمل بعنوان (رقمنة التوعية في أداء المناسك)    خطيب المسجد النبوي: احذروا أن تتحول قوة الشباب من نعمة إلى نقمة ومن بناء إلى هدم    «الخارجية»: نرحب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة    «التويجري» ترفع الشكر للقيادة بمناسبة صدور الأمر الملكي بتشكيل مجلس هيئة حقوق الإنسان في دورته الخامسة    إطلاق كائنات فطرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإبداع .. المحرك الحقيقي للتغيير والحامي الأقوى للحرية
نشر في عكاظ يوم 23 - 01 - 2016

لقد ولى الزمن الذي كانت فيه توقعاتنا أقرب للصواب .. الزمن لم يتغير، أعني بذلك الزمن المحض، الزمن المجرد، زمن الفلاسفة، الفكرة التي تظل قائمة بذاتها بعيدا عن متناول حركة الإنسان .. كل ما حدث أن التاريخ تضخم وتسارعت أحداثه، ولأننا نسير كالسائر في نومه، فقد فقدنا القدرة على الشعور بالزمن لأنه ابتلعنا، نعم لقد ابتلعنا الزمن في منظومة «العالم الذكي»، ولكن كيف حدث ذلك؟
في الوقت الذي كان الفرد يأخذ نصيبه من الزمن، كان الزمن غزيرا، يجود في كل «لحظة» بجزء منه، لم نتحول بعد إلى أشياء يصنعها «العالم الذكي» ويصنع معها الخمول والكسل المؤديين لكسل العقل. أصبح الفرد معدوما أو مختبئا في رحم التاريخ، لم يولد بعد؛لأن العالم صنع الموضة، وقام بتشغيل الملايين ليلبس الملايين، أو ليأكلوا أو ليلهوا، ليستنزفوا الزمن / الوقت، الذي لم يعد بحوزتهم، لكنه لم يصنع المعرفة الإنسانية أو شرط تطورها! بل استنفد هذه المعرفة واستغلها في الكسب المادي ولتذهب الإنسانية إلى كهوف الظلام والجهل!
في هذه الحقبة يعيش الإنسان في الأجهزة الذكية، يعيش معها بمحاذاتها، يلتصق بها، لا يستطيع منها فكاكا؛ لأنه لم تخطر بباله الفكرة الجهنمية للسيطرة عليه بواسطتها، لأن السيادة والسلطة والسيطرة تحالفت مع الذكاء الاصطناعي، وقررت أن تعقد اتفاقها على حساب الطبيعة المثمرة، العالم الحقيقي للمعرفة والعلم الإنساني والعقل الذي وجب تغييبه. ولأن الذكاء الاصطناعي ليس إنسانيا، فشلت الإنسانية أو هي في طريقها للفشل، لاعتمادها المطلق على ذلك الذكاء اللا إنساني، من أجل مآرب لا إنسانية أيضا.
قرر الإنسان أن يتطور ويصنع «العالم الذكي»، لكن طبيعته الشريرة التي ولدت من تحالفه مع الذكاء الاصطناعي، تحولت إلى آلة ضخمة تدك حصون الطبيعة الباقية للعقل الناقد وشروط تطوره. وقد أفضى الحال إلى أن كان تطور الإنسان نهاية له، وتسابق الفلاسفة في تعيين مآل البشرية، ونهايتها، والمثال أو النموذج النهائي لتطور البشرية، أو ما كان يشير إلى ذروة تطورها. فمن روح التاريخ، إلى الشيوعية وإلغاء الطبقات، إلى الرأس مالية الليبرالية، إلى هيمنة الاقتصاد والبنك الدولي وهيمنة الدولار الذي نتج عنها - هذه الهيمنة - في النهاية الاعتماد شبه الكلي على الآلة الذكية التي تفعل كل شيء بالنيابة عن الإنسان تقريبا، وهذه هي الغاية!
كل ذلك تحت دعوى مملكة الإنسان في الأرض، أو الفردوس المفقود في غياب شبه تام للعقل الذي يفكر، واختراع آلة صماء تفكر بالنيابة عنه، في هذه اللحظة، ما الذي يجب علينا فعله؛ لنعيد الإنسان إلى طبيعته ومسار إنسانيته المفقودة وعقله الذي تكلس؟
إننا بحاجة لأن «نقرأ»، هكذا ببساطة أن نقرأ ولذلك سنسأل عن الأدب في هذا المقام، ماذا قدم الأدب في هذه اللحظة بالذات في مقابل هيمنة الذكاء الاصطناعي؟
قيل إن الفلسفة انتهت مع هيجل، هل يعني ذلك أن العقول لم تعد تستطيع أن تتفلسف، أن تكتب؟ ربما، لكن لماذا؟ هذا سؤال بحجم الفلسفة ولن نجيب عنه، لكن ماذا عن الأدب، هل انتهى هو أيضا؟ لم يجرؤ أحد حتى الآن أن يقول ذلك، لأن الأدب إذا انتهى سينتهي التاريخ والتغيير والعقل، يقول الروائي الإسباني ماريو بارغاس يوسا: «بدون الأدب، سيعاني العقل النقدي، وهو المحرك الحقيقي للتغيير التاريخي والحامي الأقوى للحرية». لقد قيل - على أية حال - أن المؤلف قد مات. من قتل المؤلف يا ترى؟ وهل بقي النص، هل بقي المتلقي/ القارئ؟ .. ولكن أي نص وأي قاريء؟ يقول يوسا أيضا: «فالشخص الذي لا يقرأ، أو يقرأ قليلا، أو يقرأ كتبا سيئة، سيكون لديه عائق: ستجده يتحدث كثيرا ولكن المفهوم قليل، لأن مفرداته ضعيفة في التعبير عن الذات». إذن يجب أن يبقى الأدب، من الضروري جدا أن نسعى لأن يستمر إنتاج الأدب، لكننا بحاجة لأدب حقيقي، وهذا الأمر يتم بخلق قارئ حقيقي، قارئ يقرأ، لكنه يقرأ كثيرا ولا يقرأ الكتب السيئة، الكتب السيئة يجب أن يتوقف كتابها عن كتابتها توفيرا للورق وحماية للطبيعة. يقول يوسا - مرة أخرى: «نهاية قصتنا ونهاية التاريخ لم تكتب بعد، ما سيأتي لاحقا مرهون برؤيتنا وبإرادتنا. لكن إن أردنا أن نتجنب فقر خيالنا، ونتجنب اختفاء ذلك الاستياء الثمين الذي يهذب حساسيتنا ويعلمنا التحدث ببلاغة ودقة، فيجب أن نتصرف. وبعبارة أدق يجب أن نقرأ» وتقول سوزان سونتاغ من جانب آخر: «يعتقد بعض الناس بأن القراءة مجرد مخرج من عالم الواقع إلى عالم الخيال، عالم الكتب. الكتب أكثر من ذلك، هي طريق لكمال إنسانية الفرد»، وفي الخلاصة نحن بحاجة ضرورية لأن نقرأ، ويجب أن نعمل على أن نقرأ، وأن ننشئ أجيالا تقرأ، وذلك قبل أن تسيطر الآلة التي لا تقرأ كقارئ حقيقي، فحين نسلم عقولنا للعالم الذكي، سنصير إلى حالة نصبح فيها مجردين من ذكائنا نحن، ولن أقول أننا سنتحول إلى أغبياء، ليس لأن هذا لن يحدث، ولكن رفقا بكرامتنا المهدورة على بلاط «العالم الذكي».
Salman2me@
* كاتب سعودي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.