حسن الشيخ محمود هو الرئيس الثامن للصومال منذ استقلاله عام 1960، ويعد أول رئيس منتخب في ظل حكومة دائمة حلت محل الحكومة الانتقالية التي عرفت مقديشو أشكالا عدة منها منذ انكسار عصب الدولة المركزية عام 1991 وانزلاقها في الفوضى والاقتتال. كما أنه أول رئيس صومالي يجري انتخابه في مقديشو منذ بدء عملية إعادة الإعمار عام 2000، حيث كان يجري انتخاب أسلافه في دول مجاورة -مثل كينيا وجيبوتي- لأسباب أمنية. اشتهر حسن الشيخ محمود بوصفه مثقفا وناشطا اجتماعيا وأستاذا جامعيا، وهو ينتمي إلى قبيلة «الهوية»، إحدى كبريات القبائل الصومالية والتي كان لها دور في حرب أوغادين مع إثيوبيا عام 1977، وفي الحرب الأهلية الصومالية. وهو من مواليد مدينة جلالقسي بمحافظة هيران وسط الصومال عام 1955. «عكاظ» حاورت حسن الشيخ محمود الذي بدأ حديثه مثمنا دعم المملكة المتواصل لبلاده في شتى المجالات إضافة إلى مساندتها لبلاده في مواجهة الإرهاب. مشددا على العلاقات الثنائية المتينة التي تجمع بين المملكة والصومال. وأكد الرئيس حسن الشيخ محمود في حوار «عكاظ» أن الصومال استطاع لعب دور كبير في الحفاظ على أمن وسلامة مجرى الملاحة الدولية في منطقة القرن الأفريقي، رغم وجود العديد من القوات متعددة الجنسيات في المنطقة. مضيفا إن حركة الشباب التي تتحمل مسؤولية قتل وتشريد آلاف الصوماليين، على علاقة بتنظيم القاعدة الإرهابي، وإن الحكومة الصومالية أشرعت باب العودة للتائبين عن الفكر الضال.. وإلى تفاصيل الحوار: ماهي نتائج زيارتكم الأخيرة للمملكة، وكيف تقيمون مستوى العلاقات السعودية – الصومالية؟ ما يربطنا بالمملكة العربية السعودية قديم قدم التاريخ، فنحن بلدان يقعان في بقعتين متجاورتين من الأرض، وتجمعنا وشائج الدين والعروبة والمصلحة الدائمة وقد توطدت هذه العلاقات منذ استقلال الصومال. ومنذ أن تولينا مقاليد الأمور في الصومال في 2012 عملنا على تقوية العلاقات السعودية – الصومالية، ولله الحمد فإن الزيارة الأخيرة لنا للمملكة ولقاءنا بخادم الحرمين الشريفين مثلت نقلة نوعية لهذه العلاقات التاريخية نظرا لما لمسناه من اهتمام إخواننا السعوديين بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بالشأن الصومالي. ما الذي يعيق الحكومة الصومالية عن القيام بدورها الكامل في الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي؟ تعلمون أن الصومال عانت من ويلات حرب أهلية طاحنة ولمدة غير قصيرة، ثم من جرائم تلك الظاهرة الإجرامية التي تعصف بأقطار عديدة ونعني بها ظاهرة المنظمات الإرهابية كالقاعدة وداعش ونظيراتها مثل حركة الشباب التي ابتليت بها بلادنا. وقد حققنا نجاحات كبيرة في إعادة الأمن والاستقرار في وطننا حيث أمكننا تحويل حركة الشباب من منظمة إرهابية تسيطر على جل الأراضي الصومالية إلى مجرد تنظيم إرهابي يعتمد على العمليات الانتحارية والتفجيرات ويعمل تحت الأرض. ولكن ولمحدودية الإمكانات المطلوبة، لم تستكمل أهدافنا في بسط الأمن والاستقرار على كافة أقاليم الصومال، إلا أننا سائرون في طريق الأمن والاستقرار، وفي هذا الصدد أود الإشادة وبصفة خاصة بدور المملكة العربية السعودية في مواجهة ظاهرة الإرهاب الإجرامية في الصومال منذ بداياتها وحتى الآن. كيف تواجه الحكومة الصومالية عمليات القرصنة التي تنطلق من شواطئ الصومال، وتعيق مجرى الملاحة الدولية. إن سلامة المجرى الملاحي الدولي مسؤولية الجميع وقد اضطلعت الصومال بهذه المهمة منذ استقلالها، وكانت سفنها الحربية تجوب المياه وتؤمن مجرى الملاحة الدولي بالتعاون مع الدول الأخرى المطلة على الساحل، لذا لم تشهد المنطقة عمليات القرصنة إلا مؤخرا، ونحن نشعر بأننا في الصومال الجهة المؤهلة أكثر من غيرها بتأمين مجرى الملاحة الدولي ورعاية مصالح الأشقاء وضمان سلامة التجارة الدولية. ومن حسن الحظ أن عمليات القرصنة البحرية تراجعت كثيرا وتكاد تختفي، ولكن ضمان القضاء عليها وعدم عودتها يرتبط بمساندة الصومال صاحبة أطول ساحل في المنطقة لتعيد بناء بحريتها ولكي نستطيع محاربة القراصنة في قواعدهم البرية. كيف تقيمون الجهود الدولية لتأمين سلامة الملاحة الدولية لاسيما في مضيق باب المندب؟ بالتأكيد هي جهود مشكورة، فالقرصنة في نهاية المطاف جريمة عالمية وتجب مواجهتها بالحزم المطلوب، ولكن الجهود المبذولة والنتائج المتحققة لاتزال غير متوازنة مع عدد السفن الحربية الموجودة في مياهنا الإقليمية، والتي يعد وجودها غير مسبوق. فوجود هذه القوات أعلى بكثير من متطلبات الحماية وتأمين الممر الإقليمي وضمان سلامة الملاحة الدولية فيه. وبما أن الوجود الأجنبي بطبعه مؤقت ومكلف فقد كانت رؤيتنا دعوة الجميع للمساعدة على إعادة بناء القوة البحرية الصومالية التي يسهل عليها التعامل بل القضاء على ظاهرة القرصنة بصورة أكثر نجاعة وأقل تكلفة. إذن لماذا تعيش منطقة القرن الأفريقي حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، رغم قربها من القواعد العسكرية الأجنبية التي تحتضنها دولة جيبوتي. في الحالة الصومالية كما قلت سابقا، جاءت حالة عدم الاستقرار في الصومال نتيجة لحرب أهلية طاحنة وممتدة، أعقبها عصر من الصراعات القبلية، ومن ثم وصل الإرهاب بكامل عدته للأراضي الصومالية، وهو ما يتم التعافي من آثاره اليوم. ومن حسن الحظ أن الكل يدرك الآن أن الإرهاب خطر يهدد الجميع ويجب رميه من قوس واحدة. وفيما يتعلق باهتمام الدول الكبرى بالمنطقة سواء على شكل القواعد أو مساعدة دول المنطقة لتحقيق الاستقرار فهو أمر مهم لدولنا في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخنا. ألا ترى أن الشعب الصومالي قد قبل بتقسيم بلاده إلى عدة أقاليم مستقلة، بدلا من الدولة الواحدة؟ كلا، لم ولن يقبل الشعب الصومالي بالتقسيم، وإنما هو ساع فقط إلى تقريب خدمات الدولة للمواطنين بنظام فيديرالي متفق عليه، لذا فإننا أمام دولة صومالية واحدة في إطار من الفيديرالية. ماردكم على المخاوف الدولية بشأن إمكان تمدد التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش في الصومال. بالإمكان تجاوز تلك المخاوف وإزالة مخاطرها على أرض الواقع بالتعاون مع الدولة الصومالية. وحاليا الصومال شعبا وحكومة عازمون على إزالة هذه المخاطر ودحر الإرهاب وقد قطعنا أشواطا بعيدة في هذا الخصوص. وماذا تتوقعون لمستقبل حركة الشباب المجاهد في الصومال؟ كغيرها من التنظيمات الإرهابية التي تحصر الإسلام بمفاهيم ضيقة وتكفر من عاداها من المسلمين، فهذه الحركة ليس لها رؤية مستقبلية ولذا فإننا نتوقع دحرها عسكريا وفكريا، فهي فكر مريض لا يملك مقومات البقاء على المدى الطويل. وهل سيحاكم المسؤولون في الحركة على الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب الصومالي؟ لا ينبغي أن تذهب دماء الصوماليين التي أريقت ظلما سدى، بل لا بد من المحاسبة، وبالطبع فإن هذا لا يتعارض مع فتح أبواب العودة الطوعية من معسكر هذه الفئة الضالة حقنا للدماء متى تيسر ذلك. ما الذي تقدمه الحكومة الصومالية لنجدة الأشقاء في اليمن. في إطار الحل السياسي الذي هو مفتاح الحلول أيدت الصومال جهود المملكة العربية السعودية لإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية، كما أيدنا بعد ذلك عاصفة الحزم. أما في المجال الإغاثي فإن الصومال رحبت بإخوانها اليمنيين الذين نزلوا ضيوفا في أراضيها، حيث وصلت أعداد كبيرة من اللاجئين اليمنيين إلى الصومال على الرغم من محدودية الإمكانات. لكن المهم أن الصومال هو المتنفس الطبيعي لأشقائه اليمنيين فهم ليسوا غرباء عن الصومال، فكثير من اليمنيين لديهم أملاك وأواصر اجتماعية ممتدة في الصومال ومن مدة طويلة.